قلنا في مقالنا مليونية ١٩ ديسمبر ٢٠٢١م (١)، إن الشباب الذين خرجوا ضد الأحزاب وخاصة احزاب الحرية والتغيير، بل ليست لديهم قيادة سياسية وكذلك بدون برنامج وطني، وهم شعبويون ليبراليون وبعضهم شيوعيون، وقلنا انّ هدفهم فقط ذهاب العسكر، والحديث كله عن التحول الديمقراطي.. والذين مع المخابرات والسفارات كان همّهم تنفيذ أجندة هذه الدول وهي الفوضى وتفتيت السودان ونشر الإلحاد والعلمانية!
ونقول إن طبيعة هذه التظاهرات، انها احتجاجية وتود أن تبرز جيلا جديدا في المشهد السياسي، وهذه الظاهرة ليست بجديدة، برزت فيما بعد ثورة اكتوبر، ولكن كان لها قادة بارزون سيطروا على الخمسين عاما التي مضت، وصعوبة ظهور قادة لهم كاريزما القيادات التي برزت في أكتوبر غير مشاهد في مسرح بعد ديسمبر، كما ان الأهداف السياسية كانت واضحة، كما ان هذه الاحتجاجات نشأت نتيجة عوامل اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية عابرة للجغرافيا المحلية، واختلط فيها المحلي بالخارجي.. وواضحٌ ان الذي يجري في شوارع الخرطوم احتقانات أكثر من أنها ثورة ذات منهج معتبر، وتقوم على ركائز فكرية وهي تراكم إحباطات، ولذلك ليست هنالك نتائج مرجوة منها، ويخشى المرء ان تحدث فوضى تعصف بالبلاد وقد تقود الى حرب أهلية أو انقلاب عسكري كامل الدسم، لأن الفوضى تهيئ الجو الى تدخل كامل من الجيش يقود الى الكبت والرجوع الى عصور عسكرتاريا السلطة الكاملة، وعندها أكثر المتضررين هم أحزاب قحت هذه!
ويلاحظ المتابع للمشهد أن شعارات الثوار هي نفسها تسقط بس وإبعاد العسكر وحمدوك من الحكم.
ولذلك بحساب الربح الخسارة، الكاسب الاول البرهان والعسكر و حمدوك، والخاسر الأكبر قحت المجلس المركزي، حيث إن الشارع انقسم الى اربع مجموعات، ثوار غير حزبيين حماس بدون هدف وخبرة، مع روح وطنية عالية، دعوة الى التغيير ومستقبل مشرق. وثوار يتبعون الى قحت وهم قلة مع ظهور قيادات سياسية فقدت بريقها ولفظها الثوار ظهر ذلك في الموقف من ابراهيم الشيخ وخالد سلك، وجميلٌ أن قادة قحت الآخرون لم يخرجوا ولو خرجوا كان مصيرهم نفس مصير ابراهيم وخالد. وثوار يتبعون الى الحزب الشيوعي وهم مع وضد. وآخرون تحت إدارة الدوائر الخارجية وهم يعملون للفوضى!!
عليه، قامت مظاهرات دون أن تحقق هدفاً.. عليه، مطلوب ان يشكل د. حمدوك حكومة كفاءات وطنية غير حزبية في أعجل وقت لتمارس عملها في تنفيذ مطلوبات الفترة الانتقالية فوراً وتقيم المحكمة الدستورية، ويعيد النظر في كل الوظائف التي شغلها منسوبو قحت (١) ومنسوبو الحزب الشيوعي، ويُعيِّن كفاءات وطنية محلهم، ويُعيد النظر في لجان الخدمات ويُعيِّن فيها الثوار غير الحزبيين، كذلك يستوعب الشباب في مشاريع مُنتجة او يستوعبهم في الوظائف المدنية، شريطة ان لا يكون من بينهم حزبيون. وينفتح على كل القوى السياسية والمجتمعية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني، ينحصر دورهم فقط في الشورى والرأي في القضايا الوطنية الكبرى، ويجعل الفترة الانتقالية خالية من الحزبية، ويوفر العدل للكل، ويُعيد النظر في لجنة التمكين، ويُكوِّن اللجنة من متخصصين غير حزبيين، ويطلق سراح كافة المعتقلين السياسيين الذين ليست لديهم جرائم، ويُوقف التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، ويعمل على استقرار الفترة الانتقالية، وكذلك يُعيِّن ولاة ولايات غير حزبيين، ويجتهد في خدمات وأمن الريف.. بهذه الطريقة يخرج إلى بر الأمان، ويسجل اسمه في دفتر العظام، ويترك كل من يريد الشارع ليخرج، مع كفالة حرية التعبير للكل، وبعد قليل سيقتنع الكل ان د. حمدوك يسير في الطريق الصحيح، وتنقضي الوصاية الحزبية التي تُكبِّله الى الأبد.
صحيفة الصيحة