ما أشد الحسرة وأمض الألم وأبلغ الأسف أن يعيش المرء زمانًا يرى فيه أن ميراث الأجداد قد انتهك ودعس عليه وهو عاجز تمامًا عن أن يدافع عنه مثلما فعلوا يوم تصدوا للمستعمر البغيض وحاربوه بكل الوسائل حربًا ضروسًا لاهوادة فيها.
حاربوه بشرف الكلمة وحاربوه بأن ضربوه وأوجعوه ضربًا وحاربوه بالقتال وحاربوه بالطرق الدبلوماسية وحاربوه بمواجهته عسكريًّا حتى أجلوه مذمومًا مدحورًا ..فعلوا ذلك في شمم وفي كبرياء وعزة نفس لم تلن لهم عزيمة ولم تنتكس عندهم راية فما وهنوا لما أصابهم وما ضعفوا وهم في أصعب الظروف مسطرين لوحة زاهية لمعاني البطولة والتضحية والفداء وقد رسموا بدمائهم الطاهرة أجمل الخطوط حتى وصل بهم الأمر أن يقفوا أمام مدافع الإنجليز وهي مصوبة نحو نحورهم وصدورهم العارية المكشوفة ليصعدوا شهداء لله والوطن وللواجب شهيدًا تلو الشهيد٠٠
نعيش الآن زمان حكومة اليساريين وهم يسلمون الوطن تسليمًا كاملًا للأجنبي وناطقهم الرسمي يتبجح مزهوًّا بحجه اليومي إلى السفارات الأجنبية متلقيا التوجيهات والتعليمات دون أدنى تحرج..
زمان وصل فيه الأمر أن أضحى (الخواجة) فولكر حاكمًا فعليًّا يقول مايشاء ويفعل مايشاء ويلتقي مايشاء ويقرر مايشاء،
ولأنه أمن العقاب فقد أساء الأدب وهو يقرر قراره الأخرق الصادم بضرورة خلق جيش موحد..
والله الذي لا إله إلا هو لو كان في مكان حمدوك رجل وطني كبير لجمع مجلس الوزراء في ساعة من ليل أو نهار وقرر طرده.
لكن حمدوك أضعف بل أهون من أن يأتي بهذه الخطوة حيث الإتيان بها يحتاج إلى رئيس مجلس وزراء محترم يوجه وزارة خارجيته بالاحتجاج أو التدخل في الشأن الداخلي رفضا للتدخل السافر في سيادة الدولة٠
معلنا ومذكرا (الخواجة) السفيه التعيس بأن هذا الشعب العظيم هو صاحب القرار الأوحد في تحديد مصلحته فلا ينتظر منه قرارا أو توجيه أو إرشاد فمثله لا يستأنس بإرشاده؛ سيما أنه صاحب مصلحة تعارض وتنافي مصالحنا الوطنية..
هذا الشعب يدرك مخططه الخبيث الذي جاء من أجله وهو تقسيم البلاد ونهب ثرواتها الطبيعية لصالح مواطنيه البيض وحكوماتهم التي دفعت به لهذه المهمة الخبيثة..
فإنه ليحزنني أن يجتمع بأسر (الشهداء) ليستدر عاطفتهم ويوظف لحظات انكسارهم لشحنهم وتأليبهم على قواتنا المسلحة الصامدة الصابرة الباسلة ..
فقط يجب أن ينتبه أن هذه القوات المسلحة ليست ملكًا للبرهان إنما هي ملك لهذا الشعب السوداني الذي يدرك صمودها وقوتها وتاريخها الناضر الناصع التليد لأجل ذلك سيظل يدافع عنها وسيحميها وسيصونها
وإني لأرجو ألا تقوده استفزازات هذا الخبيث المتواصلة إلى ما لا تحمد عقباه وعقباه هذه يفسرها له مقتل غردون باشا..
هذه القوات المسلحة وقياداتها بأعين الشعب لا تفريط فيها فإنها آخر معقل من معاقل صون الوطن وحمايته من خيانة وغدر الطامعين الخائنين المارقين ..
تبًّا لك و ألف تب أيها الخسيس فولكر ..
الدكتور/ عمر كابو