الغزل في شباب ثورة ديسمبر من بعض السياسيين هو أيضاً أحد أعراض الخفة الديسمبرية.
حتى الآن ما يُسمى بالديسمبريين ليسوا سوى صدى للموقف السياسي لأحزاب الحرية و التغيير. المفهوم الفارغ من أي مضمون الذي اسمه “الدولة المدنية”، و العداء الأرعن للمؤسسة العسكرية و كأنها هي كل مشكلة السودان، هي بعض مظاهر هذه التبعية لخطاب أحزاب و ناشطي الحرية و التغيير.
استمر عبث السلطة الانتقالية لأكثر من سنتين بلا أي أفق لتحول ديمقراطي قادم. أين كانت مجموعات لجان المقاومة بأعلامها الملونة هذه؟ العسكر اختطفوا الفترة الانتقالية من البداية، ملفات السلام و العلاقات الخارجية ( التطبيع مع اسرائيل كمثال) و الملف الاقتصادي ( حميدتي كان رئيس اللجنة الاقتصادية و حمدوك تحته) و كل اللجان يرأسها العسكر حتى لجنة التمكين سيئة الذكر. أين كان هذا الوعي الديسمبري العجيب؟
أين كان هذا الوعي عندما تم العبث بالوثيقة الدستورية، و عندما تحولت الفترة الانتقالية إلى تمكين و إلى محاصصات. معظم هؤلاء كانوا يصفقون لعبدالله حمدوك و مؤتمرات المهرج وجدي صالح!
لم يتغير أي شيء في الفترة الانتقالية سوى فقدان أحزاب قحت للسيطرة الكاملة على السلطة. هذا هو المتغير الوحيد الجديد و الذي أيقظ هذا الوعي الديسمبري المفاجئ.
السودان بحاجة إلى تسوية سياسية و مصالحة وطنية. أي إلى حوار بين مختلف قواه و مكوناته، و يحتاج إلى طرح رؤى و أفكار تخرجه من أزمته. و لا يحتاج إلى كرنفالات بأعلام ملونة بدون أي مضمون سياسي و لا إلى غزل سياسي في هذه الكرنفالات.
حليم عباس