كورونا لا يفرّق، الغني والفقير، النساء والرجال، الكبار والشباب، وحتى الأطفال لم يسلموا من هجماته. يصطاد الضحية دون النظر إلى المستوى الاجتماعي أو المنصب، لا ينشغل بالجنسية أو لونها. الكل أمام الفيروس سواء، مجرد جسد، يهاجمه فيتمكن منه، يقضي عليه أو يمرضه لأيام.
كان الفيروس عادلا رغم فظاعة ما فعله ويفعله، على عكس البشر الذين عادوا سيرتهم الأولى، تخلوا عن الكثير مما اتفقوا على تسميته مؤشرات التحضر.
تأثيرات كورونا طالت الجميع بحق، لكنها كانت أكثر كلفة على الفئات الضعيفة داخل المجتمعات، وأكثر مأساوية على الدول الفقيرة. طالت فعلا كل البشر لكنها كانت أشد وطأة على النساء من الرجال. هكذا أعادتنا كورونا إلى جاهلية العصور الوسطى بتمييز على أساس الجنس واللون والطبقة الاجتماعية.
الفقراء يواجهون كورونا والتمييز
بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فشلت أكثر من 50 دولة في تحقيق الهدف الذي وضعته المنظمة بتلقيح 10% من سكانها بشكل كامل ضد فيروس كورونا بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي. معظم هذه الدول تقع في القارة الأفريقية، إذ لم تتجاوز نسبة الذين حصلوا على اللقاح الكامل 4.4% فقط. غالبية هذه الدول فقيرة فلا تملك إمكانيات شراء اللقاح ولا تمتلك بنية تحتية صحية تمكنها من مواجهة الوباء، أو فقيرة وتعاني من صراعات أو اضطرابات في الوقت ذاته، والأمثلة عليها في وطننا العربي كثيرة.
الدول الغنية أعلنت، خلال قمة مجموعة السبع التي عقدت في المملكة المتحدة في يونيو/ حزيران، الماضي، التبرع بكميات من اللقاحات سواء إلى مبادرة كوفاكس أو الدول الأفريقية بشكل مباشرة.
وفي سبتمبر الماضي، وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعهدت بعض الدول بالتبرع بكميات من اللقاحات للدول الفقيرة، أمريكا مثلا قالت إنها ستتبرع بـ 500 مليون جرعة إضافية من لقاح فايزر/ بيونتك إضافة لما تعهدت به سابقاً. لكن كل هذا مجرد تصريحات يتأخر تنفيذها. فبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية حول إمدادات اللقاح في مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي، فمن بين أكثر من مليار جرعة لقاح تعهدت تلك الدول بالتبرع بها تم تسليم أقل من 15% منها فقط، حتى أكتوبر الفائت.
هكذا يكون نصف دول أفريقيا قامت بتلقيح أقل من 2% من سكانها، و15 دولة من أصل 54 دولة حققت الهدف المرجو بتلقيح 10% من سكانها.
الأغنياء يقولون ولا يفعلون
العربية نت