أطمعوا فيها..
ولينهش كل منكم من جسدها الغض؛ ما استطاع إلى ذلك سبيلا..
ولتسابقوا في ذلك الزمن؛ وقد صبرتم – من قبل – زمناً طويلاً… طويلاً جداً..
ولتتداعوا عليها تداعي الأكلة إلى قصعتها..
وليتمنع – ويتدلل – من تمرد منكم… وحمل السلاح؛ طمعاً في حصة تناسب حرمانه..
ولا نقول نضاله؛ فمنذ سنوات عشر لم يكن ثمة نضال..
فقط انتظار – ممل – على رصيف الزمن..
انتظار طالت لحظاته بأكثر من لحظات انتظار أبي آمنة حامد – وابن البادية – ليلة السبت..
انتظار يحفه أملٌ – ذو بصيص – في إمكان حدوث معجزةٍ ما..
ومن ثم تعويض ليالي الغربة… والأسى… والقسوة… والشدة؛ رغم دفء (الأخضر الزاهي)..
أفعلوا ما شئتم… وتعاموا عن مصيرٍ يتربص بكم..
وعن فشلٍ هو أكبر معين للمصير هذا؛ تبريراً لحدثٍ نراه قريباً… وترونه بعيداً..
أو قد لا ترونه أبداً… وأنتم في سكرتكم تعمهون..
وتفشلون – فشلاً إثر آخر – حتى في توفير أبسط مقومات الحياة الأساسية للمواطن المقهور..
ونقول الأساسية – وليس الكمالية – بما فيها رغيف الخبز..
فضلاً عن الكهرباء… والدواء… والغذاء… وكل ما من شأنه أن يجعل الناس مرتاحي البال..
ونعني الراحة النفسية في حدها الأدنى… حدها المعقول..
لا راحة البحث عن المزيد من (الراحات) المتمثلة في مخصصاتٍ – ونثرياتٍ – مليارية..
ونقصدكم – تحديداً – يا من تحكمون الآن باسم شهداء الثورة..
فقد أثبتم – بتكالبكم الشهواني الرخيص على مباهج الحكم – ألا فرق بينكم وبين السابقين..
فكذلك كانوا يفعلون؛ والناس يتألمون… ويجوعون… ويسخطون..
فقد كان همهم الفارهات… والسرايات… والحسناوات… والدولارات..
وإن كانوا فعلوا ذلك باسم (هي لله) فأنتم تفعلونها باسم (حرية… سلام… وعدالة)..
وكلا الفعلين إنما يعنيان – في حقيقة الأمر – (هي لأنفسنا)..
فاطمعوا كما شئتم… وتكالبوا كما شئتم… وتداعوا كما شئتم… وافشلوا – في المُقابل – كما شئتم..
واحذوا حذو الذين جئتم على أعقابهم كما شئتم..
حتى وإن دخلتم وراءهم جحر الضب الخرب الذي دخلوه..
بل حتى وإن بلغتم – أو أبلغتم الناس – حد التساؤل المشروع: ولِمَ كانت الثورة أصلاً؟..
فقط لا تبكوا – حينها – كالنساء..
لا تبكوا بعد حين قد يطول… أو يقصر…. أو ربما حان..
لا تبكوا ثورةً لم تحافظوا عليها كالرجال..
وكيلا يثرن علينا النسوة – بمظنة السخرية من بكائهن – نقول هكذا هي المقولة..
تماماً كما جاءت على لسان من أضاع ابنها ملكه..
ثم بكى عليه بكاءً مراً..
وبعد…………………………………..
قد يتبادر إلى ذهنك – أيها القارئ – إن هذه الكلمة كتبت لتعبر عما حدث قبل نحو شهر..
كلا؛ إنها كتبت في العاشر من فبراير من عامنا هذا..
كُتبت لتعبر عما سيحدث؛ بمعنى إنها كانت قراءة قبلية… وليست بعدية..
والآن هم يبكون حكماً لم يحافظوا عليه كالرجال..
يبكون……………………………
كالنساء !!.
صحيفة الصيحة