محطات السفر

محطات السفر تجمعك بمختلف الأشخاص، من مختلف الأقطار، سحنات مختلفة، لغات مختلفة، طباع مختلفة، معتقدات مختلفة وسلوكيات مختلفة، تجمعكم واحدة من محطات السفر في أحد المطارات، إحدى محطات السكة الحديد أو البصات،
أعشق السفر وأعشق التعرف على هؤلاء الغرباء والتحدث معهم، وكم من صداقات كونتها واستمرت طويلاً مع أناس جمعتني بهم محطات السفر،
وخلال مقابلة الناس في المحطات تعلمت أن هنالك الكثير من الأحكام والانطباعات ليست بالضرورة حقيقية، فالأوربيون ليسوا بهذا التحفظ والبرود الذي يحكى عنهم، بل على النقيض، الكثيرون منهم ودودون ومبتسمون ويحبون التعرف على الغرباء،
شعوب أمريكا الجنوبية مليئون بالمودة والتعاطف ويحبون مساعدة الآخرين، ولا أنسى ذلك الشاب البرازيلي الذي رافقني في رحلتي إلى ريو دي جانيرو وظل بانتظاري قرابة الساعتين لتأخر إجراءات خروجي ولم يذهب إلى منزله إلا بعد أن تأكد من أنني سأذهب إلى الفندق الذي حجزت به،
وتلك الفتاة المصرية الرقيقة واللطيفة في مطار جدة والتي راقبتها وهي تعرض خدماتها على الجميع بالمحطة من كبار السن والنساء اللاتي يصطحبون أطفالا، كانت تقدم هذه الخدمات بوجه جميل طلق وابتسامة رائعة، قدمت لي مثالاً رائعاً للإنسانية والتعاطف اللامحدود مع الجميع، بدون أهداف، كانت نموذجاً للأدب وحسن الخلق.
هناك – بالتأكيد – دروس وعبر نأخذها من أناس على نقيض ذلك، يضربون أمثلة للتعالي، العجرفة، العنصرية حتى وسوء الخلق، ومعرفتهم أيضا تعتبر إضافة فهي تعلمك كيف تنأى بذاتك عن مثل هذه النقائص.
في السفر يكون الإنسان سفيراً لبلده، وكلما ضربت مثلاً في حسن الخلق، المودة، الذوق واللطف، تكون قد قمت بواجبك تجاه وطنك، احرص على التعامل برفق ولطف في المحطات، كن مبتسماً ، ودوداً، هاشاً باشاً مع الجميع، أعقد الصداقات مع من يحبون ذلك، لا تالُ جهداً في تقديم المساعدة لمن يحتاج بدون أن يطلب، تعامل بذوق؛ حتى وإن تعرضت للاستفزاز، كن دوماً سفيراً جيداً لوطنك ولدينك…

نهى محمد الامين
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version