مسار الشرق .. بيضة أم كتيتي!!

يظل اتفاق مسار الشرق المضمن في اتفاقية جوبا، مثل بيضة أم كتيتي كما في الاسطورة الدارفورية، (أكان شالوه كتلت أمهم وأكان خلوه كتلت أبوهم)، ولهذا ظل هذا المسار معلقا يراوح مكانه حتى الآن، لا الغي تماما ولا تم الشروع في تنفيذ أي بند فيه،والأسطورة الدارفورية تقول فيمن كان حاله مثل حالة اتفاق مسار الشرق، أنه كحال من يعثر على بيضة أم كتيتي، (أكان شالها كتلت أبوه وأكان خلاها كتلت أمه)، وهذا بالضبط هو حال مسار الشرق، فلا (الالغاء) يعالج أزمة الشرق، وتركه على حاله يؤججها مرة بعد مرة، في الوقت الذي باتت فيه الحكومة وأمست وأضحت ما قبل الانقلاب وما بعده، عاجزة عن اتخاذ قرار بالغاء مسار الشرق تلبية لمطلب الناظر ترك ومجموعته، فرغم أن ترك ومجموعته نفذوا اغلاقا تاما للموانئ ببورتسودان، وقطعوا الطريق القومي الذي يربط الميناء بالعاصمة وبقية أرجاء السودان، ورغم الخسائر الفادحة التي سببها هذا الاغلاق، والمعاناة التي أورثها للعباد، بتسببه في أزمة خانقة في السلع الغذائية والوقود والدواء في ظل اعتماد السودان بنسبة 70 في المئة على الواردات لسد احتياجاته اليومية، الا ان احدا لم يجرؤ على اتخاذ أحد قرارين، اما الغاء المسار أو فض الاعتصام وفتح الموانئ والطريق القومي، وظل الحال هكذا الى أن وقع انقلاب 25 اكتوبر..

بعد الانقلاب واذاعة بيانه، سارع الناظر ترك وجماعته لاعلان مباركتهم وتأييدهم للانقلاب، ولابداء دعمهم للانقلاب اعلن الناظر ترك رفع الاعتصام وفتح الموانئ والطريق لمدة شهر تنتهي في الرابع من الشهر القادم، ويأتي مطلب الغاء مسار الشرق على رأس قائمة المطالب التي يطالب بها ترك ومجموعته، بل ظل هو المطلب الوحيد الثابت رغم تحرك وتجدد المطالب من حين لآخر، وكانت المفاجأة ان البرهان قائد الانقلاب لم يعلن في بيانه قرارا بالغاء مسار الشرق، عطفا على العلاقة الوثيقة التي ربطت بين ترك ومجموعته والمكون العسكري بزعامة البرهان، بل ان الشواهد تقول ان العسكريين كانوا هم من اشار على ترك بتنفيذ الاعتصام وتعهدهم بحمايته، وليس من شاهد على ذلك أقوى من ترك نفسه، حيث صرح ترك في أكثر من مناسبة بأنه محمي من المكون العسكري في الحكومة، مؤكدا أنه لا يعترف بالتفاوض مع أي جهة غيره، وبناء على هذه العلاقة المتينة بين المكون القبلي الذي يقوده ترك والمكون العسكري بقيادة البرهان، لو كان بالامكان الغاء مسار الشرق بجرة قلم لكان البرهان فعلها صبيحة يوم الانقلاب، ولكن يبدو ان مسألة الغاء المسار تكتنفها تعقيدات تحول دون الغائه، وقد عبر عن ذلك أكثر من قيادي من قيادات الحركات الموقعة على اتفاق جوبا، منهم على ما أذكر د.الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السوداني ورئيس الجبهة الثورية، الطرف الرئيسي في اتفاق السلام، قال إن إلغاء المسار سيقود إلى نسف الاتفاق بشكل كامل..ولكن المكون العسكري يداور ويناور ولا يصارح حليفه ترك بحقيقة استحالة الغاء المسار..
حرية، سلام، وعدالة

الجريدة

Exit mobile version