لماذا قررت الولايات المتحدة ترفيع التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في السودان لدرجة سفير خلال الأيام القليلة القادمة؟
عند بداية الثورة وفي ندوة خاصة على إحدى المنصات تمت مناقشة تقرير أصدره مجلس الأطلسي the Atlantic Council https://www.atlanticcouncil.org/region/sudan/ ناقش فيه تضارب الرؤيتين الإماراتية والمصرية حول مستقبل السودان، فبينما رأت مصر ضرورة دعم واحتواء الجيش السوداني لأهميته ودوره حال نشوب نزاع عسكري حول سد النهضة، رأت الامارات ضرورة تغيير الجيش واستبداله بجيش آخر! (وفقاً للتقرير).
القيادة المصرية ترى أن بناء الجيوش ليس بالأمر السهل لو تم حل الجيش السوداني، كما أن تسريحه يحتوي على مخاطر ضخمة؛ بينما لم تمانع دولة الإمارات من خوض المغامرة حتى نهايتها.
اقترح التقرير على وزارة الخارجية الأمريكة ضرورة ترفيع التمثيل الدبلوماسي في السودان لمستوى السفير (وهو ما يحدث هذه الأيام)، وحث الإدارة الأمريكية على ضرورة الاهتمام بالشأن السوداني وحماية الوضع من رعونة وسذاجة التصورات الإماراتية.
إلا أن التغيرات الأخيرة حتى صباح اليوم 28 نوفمبر 2021 في قيادات المؤسسات العسكرية والأمنية تلبي وتتوافق مع النظرة الإماراتية فالقيادة العسكرية السودانية تمارس الاعفاءات والتعيينات في المؤسسات العسكرية بنفس الطريقة التي حدثت للخدمة المدنية في السابق وهو نفس الأمر الذي أدى لسقوط وانهيار الاتحاد السوفياتي في القرن الماضي.
إن حالة السيولة الأمنية والتساهل في عملية الإحلال والإبدال سوف تؤدي حتماً إلى انهيار الدولة السودانية وذلك بوجود جيش هلامي ضعيف بغير خبرة تقابله خدمة مدنية منهارة ومؤسسات دولة هشة ولذا فمن أوجب الواجبات التنبيه إلى أهمية الاحتفاظ بالخبرات العسكرية الحالية والتأني في الإحلال والابدال حتى لا نصحو ذات يوم لنجد أن بلادنا بلا جيش يحميها.
إننا نخشى أننا وقعنا فريسة سهلة للتآمر على قواتنا المسلحة بل على الوطن كله بإحالة الكوادر المدربة ذات الخبرة للتقاعد وإبدالها بضباط حدثاء الأسنان قليلي الخبرة والمصيبة الكبرى أن يتم استيعاب هذه الكوادر المحالة للمعاش من قبل جهات دولية، أو إقليمية بل وربما محلية معادية للوطن.
وهذا يفسر استعانة القائمين على الأمر باستشاريين ضعاف وخبراء غير محترفين وفي الوقت نفسه إقصاء الكفاءات والخبرات المهنية المؤهلة من التكنوقراط السودانيين حتى لو أدى الأمر إلى اغتيالهم أو إخفائهم وإلا فمن يقف وراء اغتيال خبراء الأمن السيبراني السودانيين؟ ولماذا؟ مثل أنس العبيد (الجوكر): لماذا دفع به لعملية مداهمة ميدانية وهو خبير أمن سيبراني يجب أن يكون مختفياً عن العامة والخاصة وعن كل أحد ليعمل من داخل مراكز البيانات السرية الخفية؟
ومن المسئول عن تصفية خبير الأمن السيبراني يوسف الخليفة في منطقة شرق النيل؟ وأين اختفى أيمن سليمان؟ ومن المسئول عن مقتل عثمان شيخ بشارة؟ وأين هو مجدي “سيستم” الذي كانت آخر مرة شوهد فيها هي في عمان عاصمة الأردن عام 2019؟و لماذا هاجر كثيرون غيرهم من خبراء الأمن السيبراني وانقطعت أخبارهم؟ فمنهم من قتل أو أخفي قسراً بواسطة مخابرات أجنبية بعد أن فروا من بلادهم التي لا أمن فيها لمن يسلك هذا الطريق؟
السؤال المطروح هو هل سيحول التدخل الأمريكي دون سقوط الدولة السودانية أم أنه سيسرع من وتيرة السقوط؟
الأيام القادمة كفيلة بأن نعرف ذلك.
عمر فضل الله