عار “ثورة ديسمبر” الكبير هو انها في جوهرها معادية لقيم الحرية و العدالة. هذه هي الحقيقة. و الدليل على ذلك ليس في كون الناس يمكثون في سجون “السلطة الحاكمة بأمر الثورة” بالشهور و السنين دون محاكمات و حسب، و إنما ايضاً في خوف العسكر من اطلاق سراح هؤلاء المعتقلين حتى بعد الإطاحة بتلك السلطة، لماذا؟ لأنهم يخشون تهمة “إطلاق سراح الكيزان”. لماذا يكون إطلاق سراح مواطنين قضوا السنة و السنتين في الحبس دون أن يُقدموا إلى محاكمات هو دليل إدانة بالنسبة لسلطة لم تتورع في سفك دماء الناس في الشوارع بما يجعلها في غنى عن هذه الإدانة اساساً؛ ماذا يضير “سلطة إنقلابية” أن توصف بأنها أطلقت سراح معتقلين ظلوا في الحبس لسنة و سنتين دون ان يقدموا إلى القضاء؟ أما كان من الأجدر ان يكون ذلك حسنة لصالحها من وجهة نظر ثورة تنادي بالحرية و العدالة؟ و لكن المفارقة هي أن هذه الخطوة بالذات تغضب ثورة ديسمبر أكثر!
هل تعجز “ثورة الوعي” عن استيعاب فكرة أن أشخاصاً مثل عبدالرحيم عمر و الجزولي و غندور و انس عمر و غيرهم ممن ظلوا معتقلين بلا محاكمات يستحقون أن يُطلق سراحهم بالضمانة، و بالتالي فإن خروجهم من الحبس هو استحقاق أساسي مثلهم مثل اي مواطن سوداني؟ لماذا يعجز الوعي الديسمبري عن رؤية هذه الحقيقة إلى الحد الذي يجعل العسكر يخشون إثارة غضبه بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين؟
لماذا إطلاق سراح بروف غندور المعتقل لقرابة العام و النصف بدون اي محاكمة هو جريمة بينما إطلاق سراح إبراهيم الشيخ انتصار للحرية؟
إن إدراك الحقيقة البسيطة التي تقول أن “المبادئ لا تتجزأ” و التعايش معها هو أول خطوة في مشوار الوعي الطويل الذي تحتاج ديسمبر أن تقطعه من أجل أن تصبح ثورة.
حليم عباس