سمية سيد تكتب.. معركة كسر العظم

بتوقيع الاتفاق السياسي أمس انتهت الأزمة التي امتدت شهراً بين المكون العسكري والمدنيين وعاد د. عبد الله حمدوك الى موقعه رئيساً للوزراء.

برغم وجود أطراف وقوى سياسية رافضة تماماً لاتفاق الأمس واختارت التصعيد الثوري، لكن وجود حمدوك من شأنه أن يسهم في انتهاء حالة الانغلاق السياسي ويشكل خارطة طريق لمسار ما تبقى من الفترة الانتقالية. خاصة وأن أهم البنود تمثلت في إكمال مؤسسات الفترة الانتقالية وعلى رأسها تكوين المجلس التشريعي. وتشكيل حكومة كفاءات بعيداً عن المحاصصات.

انتهى الصراع بكلفة عالية جداً.. رجع حمدوك إلى الكرسي واستمر البرهان في موقعه.. وفقدت البلاد نحو (40) من شباب الثورة ضحايا إطلاق الرصاص الحي. فيما كان بالإمكان حل الأزمة قبل أو بعد قرارات 25 أكتوبر التي أصدرها القائد العام للجيش دون إراقة دماء.

الناظر الى الأربعة عشر بنداً من اتفاق البرهان _ حمدوك _ لا يجد أي بند عصي على التحقيق منذ بداية الأزمة. فحسب المعلومات المتوفرة حينها فإن د. حمدوك كان موافقاً على توسيع قاعدة المشاركة وإبعاد قوى الحرية والتغيير كحاضنة سياسية. وعلى استكمال جميع مؤسسات الحكم. وعلى تعديل وزاري وتشكيل حكومة كفاءات. وإعادة هيكلة لجنة إزالة التمكين.

إذن ما الجديد في الاتفاق الثنائي الذي يستحق كل ما حدث الأيام الماضية من احتقان وتصعيد ثوري وقتل للمتظاهرين.. لا شيء!!..

ثلاثون يوماً من التصعيد والاحتجاجات. والمتاريس توقفت خلالها أشغال ومصالح الناس ودولاب الدولة، توقفت الحركة وأغلقت المدارس والجامعات والمستشفيات حتى للحالات الحرجة بسبب تجدد إعلان العصيان المدني. وهي أمور كان من الممكن تفاديها تماماً إذا كانت الثقة متوفرة بين شركاء الحكم.

من المهم في الوقت الحالي قيادة حوار يشمل كل مكونات الشعب السوداني لإحداث توافق عام حول الشراكة بين المكون العسكري والمدنيين، لأنها الضامن الأساسي لإحداث الاستقرار السياسي لما تبقى من الفترة الانتقالية. كما أن المطالبة بإبعاد المكون العسكري أمر غير قابل للتحقق وتقود البلاد الى الانزلاق باتجاه الهاوية. لذلك على الأحزاب التي تقود هذه الدعوة خاصة الأحزاب الكبيرة والمؤثرة كحزبي الأمة والمؤتمر السوداني التراجع عن ذلك. والعمل على التهدئة.

وجود قوى الحرية والتغيير بعيداً عن الحكم قد يمثل وضعاً أفضل لجهة قيادة معارضة واعية وقوية للحكومة، تستطيع أن تراقب الأداء وتدعو للتصحيح وهو أمر مطلوب في هذه المرحلة.

لا شك أن عودة حمدوك ستقود الى استقرار سياسي، والى المزيد من الدعم الإقليمي والدولي، لكن نجاح كل ذلك مرهون بشكل الحكومة القادمة ومدى قدرتها على التصدي للقضايا الأساسية للمواطنين. خاصة قضايا المعيشة وتوفير خدمات الصحة والتعليم والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية والتي أصبحت في حكم العدم خلال الفترة الماضية.

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version