عبد الله مسار يكتب: الإعلام الزائف المُوجّه

سيطرت دوائر الاستكبار والدول التي تسمي نفسها الكبرى أو الأولى أو دول العالم الأول على الإعلام في العالم, سيطرت على سمائه وفضائه وأثيره, بل كتابه وقراطيسه, ولذلك صار الإعلام سلاحا خطيرا يخدم اغلب مصالح الدول الكبرى ولو كانت جائرة أو ظالمة, بل قد يُدين ويجرم بري بما يقدم من معلومات زائفة ومضللة, وبهذا الإعلام صارت هنالك دول طغاة في الأرض وهم يدعون العظمة والجبروت, ولكنهم أوهن من حبل العنكبوت, يضخمهم الإعلام المفخخ الذي يكون على آلة الكبر ويصور الآخرين أقزاماً وان عظموا لأنه يستعمل قدرات وإمكانات لا تكون لدى كثير من دول العالم وخاصة التي يسمونها دول العالم الثالث, حيث انها مرتع ومُتلقي تنشر فيها سموم وامراض وأحقاد وأكاذيب العالم الأول فتجعلها مكباً لنفاياتها الإعلامية, ولذلك بهذا الإعلام المسموم تسقط حكومات وتُرفع اخرى, وتُقام حروب, وتُجوّع شعوب, وتُقسّم دول, وتُحذف بلاد من خارطة العالم، بل بهذا الإعلام المضلل تُسرق وتُنهب اموال وموارد وتُستعبد شعوب وأمم, بل تُستلب قيم وتُنشر قاذورات, وتباع ذمم ويجند عملاء من أبناء الدول ليعملوا لصالح ذلك المُستعمر ضد بلدانهم وشعوبهم, وكثير منهم عبر هذا الإعلام المضلل ينبهر بتلك الدول وتلك الشعوب ويعمل جاهداً ليكون تابعاً لهم, جارياً خلف ما يسوقه الإعلام من أكاذيب حتى يفقد وطنه وهويته وذاته وقيمه وعادات وتقاليد شعبه وبلاده, بل يبحث بحثاً حثيثاً ومُضنيًا ليحصل على جنسية أو جواز من تلك الدولة العظمى زيفاً وظاهرياً!!
إذن الإعلام صار سلاحاً ماضياً, وصار يُوجِّه الأمور في كل المناحي حتى ظنه البعض اله, لأنه طمس كثيرا من حضارات الشعوب وختم على سمعهم وابصارهم, فهو شيطان العصر, وقل كثيرا استعماله لخير وخاصة بعد ان صار صورة وصوتا، بل صار مرئيا ومسموعا ومقروءاً, وصارت شاشة التلفاز اخطر من البندقية, وصار الشخص المتلقي دمية أمام هذا الزخم الكبير من الأخبار الموجهة والمعلومات ومما يعرض ويبث ويكتب في وسائل الإعلام ومنصاته ووسائطه, وخاصة بعد التطور التقني الذي حدث لآلة الإعلام.
وهذا الامر انتقل من دول العالم الى دول اخرى لديها المال, فصارت بوقاً لهذه الدول الكبيرة وتسبح وتقدس بحمدها وتخدم لها أجنداتها تدري او لا تدري, بل اثر هذا الإعلام الكاذب الزائف المضلل على شعوب العالم في لبس سكانها وفي طريقة ومادة أكلها وفي فنها وثقافتها, حيث اختفى كثير من قيم وثقافات وتقاليد وعادات هذه الشعوب وحل محلها قيم وسلوك الآخرين عبر هذه الآلة الإعلامية الضخمة التي توجّه الى شعوب هذه الدول الضعيفة والمقهورة, وصارت اغلب شعوب العالم تابعاً لهذه الدول التي تسمى كذباً عظمى, ولكن عظمتها مظهر وليس جوهراً, لأنها عظمة مصنوعة لا تقوم على مبادئ الحق والعدل ولا على اثر وحضارة ولكن تقوم على الظلم والزيف والحيف والجور وخور السلطان وخاصة التي تدعي الحرية والديمقراطية, حيث إنها في داخلها تُمارس الكبت والديكتاتورية والتسلط حتى على شعوبها بل تقسمهم الى طبقات على اساس اللون او المال او الوضع الاجتماعي والعرق والدين والهوية, وتتسلّط على شعوبها حتى بدأت تظهر فيها حركات احتجاج عنيفة, لان المقهور دائماً ردة فعله عنيفة وخاصة الذي سلب حقه وذهب به لغيره.
الإعلام العربي حدثت له نقلة من حيث التقانة ولكنه لم يتطوّر من حيث المضمون فصار أسيراً للإعلام العالمي والغربي, وفي كثير من الأحيان متلقياً وناقلاً, لم يستفد من إرث وحضارة الأمة العربية والإسلامية, وقديماً قال العلامة ابن خلدون إنّ (المغلوب مولع بمحاكاة الغالب لأن الهزيمة تُوحي إليه أن مشابهة الغالب قوة يدفع بها مهانة الضعف الذي جنى عليه تلك الهزيمة).
وفي عالمنا العربي, زدنا الجرعة كثيراً حتى ظل إعلامنا العربي يخدم الآخرين من الدول الظافرة مجاناً ومرات يدفع من مال هذه الشعوب لصالح تلك الدول المدعاة عظمى, بل يحارب بني جلدته ووطنه لصالح هذه الدول ليقال إنّ هذا الإعلام حر, فصار الإعلام العربي مسخاً وطارداً ومهجوراً قليل حيلة وبصيرة, وأنا لاحظت ذلك في تغطية كثير من الأحداث في العالم منذ الربيع العربي وحتى أحداث السودان الأخيرة, فهو إعلام مصوب لخدمة أجندات مختلفة عن الحقيقة وبعيدة عن الواقع, ولذلك اقتنعت أن أمر الإعلام العربي مُحيِّرٌ, والاستلاب والقهر ظاهران فيه حتى يحتار المرء من يخدم هذا الإعلام, حتى وبلغة المصلحة أعتقد أن أمر الإعلام كله فيه (أنا), ولكن الإعلام العربي فيه ألف (أنا), بل ويضاف إليها هلمجرا.
ولذلك أعتقد أنه ينطبق على الإعلام العربي لا يدري ويعتقد أنه يدري.
تحياتي،،

صحيفة الصيحة

Exit mobile version