رشان اوشي تكتب:مسيرة الإنتقال.. الوثبة الثانية

الحاسة السادسة

لا شك، ان المشهد السياسي السوداني كان غائما منذ الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، يخيل لي ان العالم اشفق علينا، الدماء تسيل في الشوارع، الفضاء العام محتقنا، كان شهرا عصيبا مريعا.
مسيرة عامين من عمر الإنتقال، كان فيها حمدوك رئيسا للوزراء، وحاضنته هي الحكومة، والشعب ينتظر اماله وطموحاته بالعدالة، الخبز والحرية، ولكنه لمدة عامين حصد الهشيم، وعانى اسوأ الاوضاع السياسية والاقتصادية، وتعطل حتى دولاب الدولة بسبب الصراعات السياسية داخل المؤسسات المدنية.
تحدث “حمدوك” كثيرا تلميحا وتصريحا عن معوقات الانتقال الديمقراطي، واهمها انعدام التوافق حتى بين قوى الثورة، ونبه ايضا للفوضى السياسية التي عاشتها البلاد لعامين، بل واشتكى “حمدوك” وتقدم بإستقالته لرئيس مجلس السيادة اكثر من (10) مرات احتجاجا على المتاريس التي يجدها اثناء مسيرته كرئيس وزراء.
إشتكى “حمدوك” من ان احد وزراءه لا يجيب على مكالمته الهاتفية لمدة اسبوع كامل، ولا يشارك في اجتماعات مجلس الوزراء، وعندما استوضحه، اجابه بأن حزبه هو من له الحق في رسم مسيرته كوزير وليس لأي جهة اخرى الحق في ذلك سواه.
كنا ننتظر الليالي والايام في انتظار قرار يتعلق بترشيح مدير ادارة في مؤسسة، ناهيك عن تشكيل وزاري او تعيين ولاة او البت في قضية مصيرية كقضية الشرق، فشلوا حتى في التوافق على اختيار وال للقضارف بديلا للوالي المقال، ولم يتمكنوا لعامين من اختيار ممثليهم في البرلمان الانتقالي.
اما التآمر والبؤس الاعظم كان في قضية العدالة، تخلوا عن شعارات محاكمة قتلة الشهداء بمجرد جلوسهم على كراسي الحكم الوثيرة، وتنكروا للثورة بأن تجاهلوا مئات الجثث المكتظة في المشارح حتى تعفنت وفاحت منها رائحة خيانتهم لشعاراتهم.
اليوم دخلت بلادنا عهدا جديدا في مسيرة الانتقال الديمقراطي، بعد ان اوصدت جميع الابواب السابقة، وتقطعت السبل، وفتحت كتابا حديثا لتدوين مسيرة الانتقال في نسختها الثانية، نسخة التوافق الوطني، وليس التحشيد، الاستقطاب، الفتن العنصرية، والاقصاء.
شكرا حمدوك على جهدك الكبير في إعلاء قيمة الوطن على نزعة الانتصار للذات، هكذا هم الزعماء والمؤسسون.

صحيفة السوداني

Exit mobile version