ما حدث في شوارع الخرطوم بالأمس “الأربعاء 17 نوفمبر” كان كارثياً ومريعاً ومرعباً لكل من يملك قلباً وعقلاً، الطبيعي أن الدماء التي سالت يجب أن تعيد للمشهد بعض من العقلانية وترد الناس إلى الصواب والفعل الإيجابي لوقف حمام الدم ، ولكن البعض ممن يملكون قلوباً صماء لا تعرف سوي ضخ الدماء يريدون أن تستمر مسرحية العبث والسخف، بل أن البعض يطالب بالمزيد من الدماء تحت لافتة تافهة تسمي التضحية ، أي تضحية تلك التي تستحق إزهاق الأرواح البريئة وأي تضحية تلك التي تستحق هذه الأثمان الغالية ، يجب القول بكل وضوح أن هذه الدماء الغوالي تهدر في قضايا تافهة .
بالأمس من الحسرة والألم لم أستطيع أن أشاهد أي مادة في القنوات التي تستثمر في دماء أولادنا ، هربت من هذه القنوات إلى الفيس بوك لأجد العشرات من التعساء والحمقي يتناقلون أخبار الموت والقتل في شوارع الخرطوم ، يعددون في أرقام الشهداء بنشوة وكأنهم يحصون في أهداف جميلة في مباراة مثيرة ، بكل نشوة وفرح هستيري يقول لك الان صعد شهيد ، الان بلغ العدد خمسة ، وصلنا الان أن العدد بلغ ستة ، تباً لهؤلاء الحمقي عديمي الضمير .
تجد الواحد قاعد يشرب في نسكافية بالحليب وأمامه قطعة من الكيك الإنجليزي ويتغطى من البرد بملابس برد أختارها بعناية من أرقي المحلات في تلك المنافي البعيدة ، ومن تحت بطانية صوف ثقيلة ، يكتب بأنامل ناعسة ، المعركة ليست معركة مدنية بل معركة تحرير من جيش الاحتلال ،طيب يا أخ امرق انت وأمشي شيل بندقيتك قاتل في معركة التحرير دي ، عديمي الضمير هؤلاء لا يريدون أن يدفعوا أي فاتورة ، يستثمرون في تحشييد الغلابة الأبرياء في معركة الكل منهزم فيها .
Ali Osman