الوثيقة الدستورية مليئة بالعيوب والثقوب الخطيرة، التي ستؤثر مستقبلا على كل مخرج. لا يوجد إعلان دستوري لفترة انتقالية ينص على عبارة مثل “قوى الحرية والتغيير”. ماهي هذه القوى؟ وماذا سيحدث إذا خرج منها عضو مثل الحزب الشيوعي؟ وماذا سيحدث إذا انقسم تجمع مثل تجمع المهنيين لشلليات تتصارع حول (كلمة سر) صفحة على فيسبوك؟!
الوثيقة الدستورية سيئة جدا ولا تعبر عن تطلعات شعبنا نحو التغيير والانتقال الديمقراطي، وبالتالي فكل معالجة في إطارها هي مثل عملية جراحية صعبة وخطيرة. وقد طالبنا في غير من مرة بتجاوز الوثيقة تماما نحو مرجعية مناسبة.
اليوم وبعد أن استغلت قوى الحرية والتغيير ثقوب الوثيقة لتمكين نفسها، ثم بعد إجراءات ٢٥ أكتوبر يبدو المشهد كالآتي:
١- هناك إجماع خارجي وداخلي على الوثيقة الدستورية، هذا الإجماع يمكن أن يكون ركنا للتوافق السياسي مع تعديلات ضرورية لابد منها للوثيقة.
٢- من مصلحة الجميع تجاوز هيمنة قوى الحرية والتغيير نحو توافق أوسع، هذا الأمر في مصلحة أحزاب (قحت) نفسها لأنها ستعود لحجمها الطبيعي ووضعها الطبيعي، مما يمكنها من خلق استجابة جيدة للتطور، أو تعود لتقتات على خطاب المعارضة الذي تجيده.
٣- حمدوك جزء من الأزمة، وليس جزء من الحل؛ وهنا سأترك كل نقاط الاعتراض الجوهرية على مشروع حمدوك جانبا وأكتفي بكونه : ضعيف الشخصية، متردد، جبان، لا يملك صفات القيادة، والأهم لايملك دافعا وطنيا ذاتيا للمزاحمة والمواجهة؛ فإغراءات الوظيفة العالمية هي تطلعه الأكبر. وبئس الطالب والمطلوب.
٤- إجراءات ٢٥ أكتوبر ومفاصلة شريكي الحكم أمر في صالح الشعب السوداني، وبالإمكان العمل على جعل الأمور أفضل من قبل بكثير لاسيما بروز حاجة ضرورية للشرعية الانتخابية وصوت الشعب السوداني. وبالتالي فتشكيل مجلس السيادة وفق مرجعية الوثيقة الدستورية هو خطوة طبيعية ومتوقعة؛ ومن الأمور الحسنة أن يحدث التوافق على حكومة مستقلة غير حزبية. هذا موقف بعيد من أكاذيب التصعيد الهتافية غير المسؤولة، وما تجربة التفاوض بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٩ ببعيدة عليكم.
٥- في كل الحالات نقول: العودة للوراء مستحيلة، العودة لما قبل ٢٥ أكتوبر مستحيلة. وخطوطنا الحمراء هي: السيادة والوحدة الوطنية والتحرر من التبعية والحرية على أسس وطنية. وقد كانت منتهكة جميعها ماقبل ٢٥ أكتوبر. لذا فنحن ننظر للأمام ولا ننظر للخلف.
وعاش السودان عزيزا موحدا.
هشام الشواني