السودان يحتاج إلى معجزة!

مالم تحدث انفراجة حقيقية فى الأيام القليلة المقبلة لحلحلة الأزمة السياسية فى السودان فإن المسافات سوف تزداد اتساعا بين المكونين العسكرى والمدنى وذلك يمكن أن يضع السودان على أعتاب أزمة لايمكن التنبؤ بها وبمداها الذى قد يبتعد كثيرا عن حدود المعقول!

ولست أتجاوز الحقيقة عندما أقول إن السودان يحتاج إلى معجزة يصنعها الداخل السودانى فقط لأن الرهان على الحلول والتدخلات الأجنبية تحت مسمى الوساطة سوف يزيد الأمور تعقيدا.

السودان بالفعل يحتاج فى هذه اللحظات الحرجة إلى معجزة وفاقية يلتف حولها كل السودانيين بتجرد تام يخلو من الأحلام والأطماع السياسية الضيقة ويرتفع إلى مستوى الخطر والتحدى الذى يترتب على طول زمن الفراغ السياسى.

ولعل ما يعزز من إمكانية صنع المعجزة السياسية المطلوبة للسودان أن كل أطراف الأزمة الراهنة «عسكريين ومدنيين» لهم جميعا رأى يكاد يكون واحدا وتكاد ألفاظهم وتعبيراتهم تكون متشابهة ومتطابقة تماما وتصب فى خانة الرغبة فى استكمال مسيرة التحول الديمقراطى والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة يقرر فيها الشعب السودانى مايراه ومايريده.

وفى اعتقادى أنه ليس هناك مايعطل لحظة ميلاد المعجزة المطلوبة سوى تشبث بعض الفصائل السياسية بأساليب المناورة والمزايدة التى تعطل بلوغ التفاهم المنشود وتقف وراء كل هذا الذى يجرى فى السودان مؤسفا ومقلقا لأهله وجيرانه.

وليس أسوأ من المناورة والمزايدة برفع رايات مضللة تتغنى بالحاجة إلى مدنية الدولة بينما هدفها شق الصف الوطنى والتشكيك فى المؤسسة العسكرية السودانية التى لعبت الدور الحاسم فى إحداث التغيير وإسقاط نظام البشير.

إن التحول الديمقراطى المنشود فى السودان ليس بالأمر المستحيل ولكنه أيضا ليس عملية سهلة يمكن تحقيقها بالدوس على أزرار التغيير، الذى يتطلب كنقطة بداية وجود وحدة وطنية شاملة وفى إطار هذه الوحدة الوطنية يمكن أن تتجمع كل الأفكار والتيارات وتتفاعل مع بعضها تفاعلا حيا وإيجابيا وفق الأسس الديمقراطية المعترف بها عالميا.

أتحدث عن حاجة السودان الآن إلى وحدة وطنية حقيقية تشكل إطارا للعمل فى المرحلة الانتقالية وهذا الإطار لايتطلب من كل مشارك فيه غير الإيمان بوحدة وسيادة واستقلال الوطن السودانى.

وينبغى أن يقال بكل صدق ونزاهة أن التيار العريض فى الشارع السودانى يقدر حرص مصر على استقرار السودان، وينظر باستياء لبعض الفلول الشاردة التى تتطاول على مصر بالباطل!

مرسى عطا الله
الاهرام المصرية

Exit mobile version