بذات القناعات انتقد مريم المنصورة، قبلها كنت ولا زلت مقتنعا أن ما حققته مريم من كسب سياسي وما حازته من قدرات لم تأخذه بالمناولة من الإمام الحبيب الصادق رحمة الله عليه، بل انتزعته انتزاعا من بين الرجال والقيادات والمحن، كسرت فيه يدها وكابدت المستشفيات والمعسكرات والمعتقلات.
موقف مريم الأخير بمخاطبة مجلس حقوق الإنسان خطأ كبير، لأنه وبكل بساطة خلاف موقف حزب الأمة الذي تقدم الصفوف بوساطة علنية، وموقف متزن عبر عنه الدكتور إبراهيم الأمين وكثير من حكماء الحزب الذين وصفوا ما حدث بإنقلاب لكنهم انتقدوا قحت بإنصاف ودخلوا في التفكير عن حلول.
السودان يحتاج إلى حزب الأمة بوزنه وثقله وجماهيره في صف التهدئة وليس تحريض العالم وتأجيج الصراع.
لو كانت مريم تعتقد أنه من تمام الوفاء الذي تتميز به أن تكون في المعتقل إلى جوار بعض الوزراء والمستشارين من رفاق النضال فهذا الموقف قد يكون أخلاقي شخصي ولكنه غير حكيم وغير سياسي البتة، فالوفاء هنا لأربعين مليون مواطن سوداني وليس لنخب سياسية محدودة.
كنت ولا زلت أرى في مريم شخصية متكاملة وهي التي وقفت إلى صف التهدئة في شرق السودان وكانت خطبتها أقوى الخطب، وكان هذا وفاء للشعب السوداني وخالفت فيه رفاقها الذين أصروا أن محتجي الشرق مجرد فلول ولا قضية لهم، وتبع موقفها التحول في موقف بعثة الأمم المتحدة نفسها وصارت قحت المتطرفة “معزولة” محليا وإقليميا.
مريم وقفت إلى جانب الجيش السوداني في خطوطه الأمامية في الفشقة بينما كانت بعض قيادات قحت تهمز الموقف الوطني أن حرب الفشقة مفتعلة لإعلاء نفوذ الجيش.
الآن مريم تخالف مريم، وتنحاز إلى معادلات استعصى علي فهمها، فهي قد أوصلت رسالتها وثبتت موقفها، ولا تحتاج إلى هذه المزايدات.
بقلم مكي المغربي