أتابع دائما عن كثب تطورات الأوضاع فى السودان، وتلك مسألة لا اعتقد أنها تحتاج لأى تفسير أو تبرير. وأتفق تماما مع البيان الصحفى الذى أصدرته الخارجية المصرية يوم الإثنين الماضى بشأن التطورات الأخيرة هناك، التى أكدت اهتمام مصر بتحقيق الاستقرار والأمن للشعب السودانى، والحفاظ على مقدراته والتعامل مع التحديات الراهنة، بالشكل الذى يضمن سلامة هذا البلد الشقيق…. غير أن ما يحزننى كثيرا، وما كتبته مرارا، وما يلاحظه كل دارسى الحالة السودانية، هو تلك الحلقة الجهنمية المتكررة، منذ استقلال السودان عام 1956، من توالى حكم مدنى قصير متعثر، ثم حكم عسكرى طويل يحكم قبضته على أحوال البلاد.. وكأنه قدر لا فكاك منه. وهكذا توالى حكم ابراهيم عبود (6 سنوات بين 1958 و1964 ) ثم حكم جعفر النميرى (16 سنة بين 1969 و1985) ثم حكم عمر البشير الذى تحالف مع الإخوان ليمتد عمرة ثلاثين عاما (من 1989 إلى 2019) . واليوم ترتفع الصيحات ضد تدخل الجيش مرة أخرى…حسنا، ولكن لماذا يتدخل الجيش هذه المرة…؟ إنه يبرر تدخله بسوء الأوضاع التى وصلت إليها الأمور هناك فى ظل الحكم المدنى لرئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك الحاصل على دكتوراه الاقتصاد من جامعة مانشستر . غير أننا شاهدنا على شاشات التليفزيون المظاهرات المحتجة على نقص الخبز والوقود فى الخرطوم فى فبراير 2020 ثم المظاهرات المشتعلة احتجاجا على تحرير سعر صرف الجنيه السودانى فى فبراير الماضى…، وهكذا يبقى تدخل الجيش لكبح الفوضى فى السودان احتمالا لايزال مطروحا، مكررا نفس الدورة . هل تنجح المناشدات والتدخلات الدولية للحيلولة دون هذا الاحتمال…؟ لقد أعلن سودانيون أنهم: سوف يخرجون فى مظاهرة مليونية أمس السبت ليكون يوما جديدا فى تاريخ الثورة…حسنا أيها الأشقاء فى السودان …ولكن، أما آن الأوان أيضا لتكسروا تلك الحلقة الشريرة، وتنخرطوا فى عمل جديد ومنتج، يشارك فيه الجيش والشعب معا، فى بناء السودان الغنى بثروته وأبنائه؟.
د. أسامة الغزالى حرب
الاهرام