تعطيل لجنة التمكين بالفاشر .. مناوي يتخطى الوثيقة الدستورية في ظل غليان المشهد السياسي

في خطوة استهجنها الكثيرون من الثوار والقادة السياسيين الداعمين الحراك الثوري الذي بلغ أوج نشاطه عقب موكب الحادي والعشرون من أكتوبر الماضي، رغم حالة الاستقطاب والتشظي بين شركاء الانتقال، بطريقته الهادئة كعادته، فجر حاكم إقليم دارفور رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي أمس الأول مفاجأة من العيار الثقيل حينما كشف عن اصداره قراراً باغلاق مكاتب لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور لأجل غير مسمى، وقال مناوي في تصريح من داخل اعتصام القصر الذي تدعمه الحركة التي يترأسها، إن القرار سيدخل حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل، وأكد أنهم أبلغوا أعضاء لجنة إزالة التمكين في الفاشر بتسليم مكاتبهم وسحب التراخيص اللازمة لمباشرة عملهم هناك لحين حل حكومة حمدوك، وأوصد مناوي الباب أمام عودة لجنة إزالة التمكين قائلاً: هذه اللجنة لن تمارس عملها في دارفور حتى يتم حل الحكومة الانتقالية الحالية وتكوين حكومة كفاءات وطنية وهي المطلب الذي ظلت تطالب به مجموعة الحرية والتغيير الميثاق الوطني.

قرار خاطئ

ويقول القيادي بالحرية والتغيير الخبير القانوني المعز حضرة إن حاكم إقليم دارفور لا يملك صلاحية حل اللجنة لجهة أنها منصوص عليها بالوثيقة الدستورية، وأكد حضرة في حديثه لـ(الجريدة) أن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو تتبع لمجلس السيادة وحاكم اقليم دارفور يتبع لمجلس الوزراء، وقطع ان مناوي لا يملك ذلك الحق وأن مجلس السيادة هو أعلى سلطة للدولة، وأشار إلى ان القرار يعد مخالفة للوثيقة، وأكد ان لجنة التفكيك الفرعية تتبع للجنة الإتحادية والتي بدورها تتبع لمجلس السيادة، ووصف القرار بالخاطئ من ناحية قانونية وطالب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك بمحاسبته، لكنه عاد وقال اننا نعيش في عهد الفوضى في إشارة منه لعدم محاسبته، لافتاً إلى انه ظل يمارس تلك الفوضى بالإقليم والخرطوم، ورأى ان تصريحاته مؤخراً تمثل قمة العبث.

مكايدة سياسية

فيما لم يذهب بعيداً الخبير القانوني الطيب العباسي عما ذهب إليه حضرة واعتبر ان القرار غير سليم ومخالف لما نصت عليه الوثيقة الدستورية، وأكد لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو متواجدة بجميع الولايات وان البت في أمرها يخضع تحت إمرة السلطة التنفيذية الاتحادية وليس الولائية، وقال العباسي في حديثه لـ(الجريدة) قرار حل اللجنة واغلاق مكاتبها فيه خروج واضح عن اهداف الثورة والوثيقة نفسها كما انه باطل ويفتقد للسند القانوني، وقطع ان الخطوة تأتي في اطار الصراع الدائر بالمشهد السياسي، وأشار إلى أن حمدوك ظل يردد بأن اعمال لجنة التفكيك خاضعة للتقييم والمراجعة مما يعني بأن لا مكان للفساد والعبث السياسي، ونوه العباسي إلى أن أعمال اللجنة خاضعة لسلطة مجلس الوزراء ، ووصف خطوة حاكم إقليم دارفور بأنها لا تخرج عن كونها مكايدات سياسية لا أكثر ولا أقل، وانتقد العباسي ما ذهب اليه مناوى قائلاً: كان يجب عليه ان يمضي في اتجاه تكملة هياكل اللجنة مثل لجنة الاستئنافات بدلاً من اصدار قرار بحلها.

أزمة قانونية

وبالمقابل يقرأ بعض المراقبين خطوة الاغلاق أنها تأتي في سياق الصراع بين مكونات الفترة الانتقالية وتصاعد حدة الخطاب السياسي والتراشق الاعلامي بينهما مؤخراً، وأكدوا أن هذه الخطوة تهدف للضغط من مناوي لجهة أنه يمكن ربطها بالمطالب التي رفعت في ساحة الاعتصام بحل لجنة إزالة التمكين وقيام مفوضية مكافحة الفساد بديلاً لها وهذا ما أشار إليه المحلل السياسي مصعب محمد علي في حديثه لـ(الجريدة) إلى انه وبحسب الوثيقة الدستورية فإن لجنة ازالة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو لجنة مركزية وهي من مهام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية وحذر من خطورة حل اللجنة في إقليم دارفور من قبل الحاكم، وأكد انها قد تتسبب في حدوث أزمة قانونية بين الطرفين باعتبار ان حاكم الإقليم له صلاحيات وهذه اللجنة هي لجنة سيادية قراراتها مركزية ولها فروع في الولايات، وأضاف: يمكن القول أن الخطوة هي جزء من الصراع السياسي بين اطراف الحكم الانتقالي مشيراً إلى ان الأزمة ستلقي بظلالها على اللجنة وكل المؤسسات التي بها خلاف حول تكوينها.

انتماء سياسي

وفي ذات السياق يبدو أن الكثيرين قد اجمعوا أن الخطوة تأتي في إطار التصعيد الذي يتسم بالتدرج بهدف الضغط على رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك كما أنه من ناحية أخرى يعكس موقفاً مناهضاً لما تقوم به اللجنة، وأن اللجنة قد اكتسبت عداء قطاعات واسعة ليس معارضة للفكرة لكن رفضاً للطريقة التي تعمل بها، وهذا ما ذهب اليه المحلل السياسي د. محي الدين محمد في معرض حديثه لـ(الجريدة) وأشار إلى أن عملية الاستهداف التي تتم على أساس الانتماء السياسي تعتبر مخالفة لنصوص الوثيقة الدستورية التي تمنع الحرمان من الحقوق الدستورية وعلى رأسها حرية الرأي وحرية الانتماء السياسي، مؤكداً أنها حقوق لا يجوز أن تترك للجنة تقويضها، وأعتبر محمد ان هذه الخطوة تشير إلى رغبة حاكم دارفور تأكيد جدية مجموعة الحرية والتغيير التوافق الوطني على إنفاذ مطالب اعتصام القصر ومنع انفراد المجموعة الأخرى من الانفراد بالمشهد مستخدمة لجنة تفكيك التمكين كأداة لحيازة سلطة الأجهزة الأمنية ومن ناحية أخرى تفكيك قبضة الأحزاب على موارد مالية يعتقد انها تستغل لتحقيق مكاسب سياسية.

عثمان الطاهر
صحيفة الجريدة

Exit mobile version