حسين خوجلي يكتب: ٢١ اكتوبر بطاقة دعوة بمليونية الخبز والحرية

كانت أول مذكرة احتجاج مدنية ضد انقلاب ١٧ نوفمبر لاسترداد الحريات العامة هي التي قدمها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام ١٩٥٨ برئاسة الاسلامي جعفر شيخ ادريس وذهب إلى غياهب السجن حراً رشيداً، جاء بعدها التصدي العسكري بقيادة الرشيد الطاهر بكر الأمين العام للحركة الاسلامية انذاك حيث قضى في السجن ٥ سنوات، واستشهد فيها البواسل عبد البديع علي كرار والصادق محمد الحسن وعلي حامد وبقية العقد النضيد.
ولم تمض إلا بضع سنوات حتى ارعد الزلزال الاكتوبري عام ١٩٦٤ بقيادة عميد كلية القانون الشاب حسن عبد الله الترابي الذي كان بطل الندوة ومفجر الثورة، وكان بطل الندوة الثانية استاذ الجامعة الشهيد محمد صالح عمر الذي اغتاله المد اليساري في مايو في الجزيرة أبا عام ١٩٧٠.
وقاد طليعة الانتصار الاستاذ حافظ الشيخ الزاكي رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في اكتوبر ١٩٦٤ الذي قاد ثورة الطلاب وذهب إلى كوبر سجيناً. واستلم بعده الراية ورئاسة الاتحاد الاستاذ ربيع حسن احمد الذي أكمل انتصار الثورة، ووقع مع القوى الجديدة ميثاق اكتوبر.
كان الاتجاه الاسلامي يومها يسيطر على كل الجامعات والمعاهد العليا واتحاد الثانويات التي شكلت وقود الغضبة وأجبرت عسكر (التسليم والتسلم) بالاستقالة.
واختارت الجامعة الشهيد محمد صالح عمر وزيرا ثائرا في حكومة اكتوبر الأولى، وسجل التاريخ للدكتور أنور الهادي بأنه كان مقدم الندوة وقائد الهتاف في ليلة استشهاد القرشي، وقد حرست جماهير الطلاب الجثمان الطاهر بمستشفى الخرطوم، وكانت الصلاة المشهودة في ميدان المولد وموكب الاتحاد الشهير إلى قرية القراصة بالنيل الابيض حيث واروا الثرى احمد القرشي طه شهيد اكتوبر الأول وجاء بعده عبد الحفيط وحران والعشرات من الأوفياء.
وفي الوقت الذي سيطر فيه الاسلاميون على كل مفاصل اكتوبر وتفاصيلها، دعوا الازهري والصادق المهدي ليتقدموا الصفوف لكسر احتكار اليساريين للافتات المزعومة ومواجهة اكذوبة جبهة الهيئات. وكان يومها الشيوعيون يتسللون لواذا من مباني المجلس المركزي (برلمان عبود المزيف) الذي قاطعته كل القوى الوطنية وشارك فيه الحزب الشيوعي وسط دهشة الجميع، فشاهدت الجماهير هروب الدكتور عز الدين علي عامر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وصحفي الميدان عبد الله عبيد والنقابي المعلم مصطفى محمد صالح وهم يهربون سراعا خوف غضبة الجماهير.
ولأن الشيوعيين تعلموا خطيئة سرقة الثورات فقد سرقوا حكومة جبهة الهيئات كاملة مثلما يسرقون الانتقالية اليوم.
باختصار : الاسلاميون كانوا في طليعة القوى الوطنية التي شيدت اكتوبر من ليل الأسى ومر الذكريات ولذا فهم الذين يستحقون الخروج في موكب ٢١ اكتوبر يوم الخميس الزاحف للاحتفال أولاً بالثورة التي صنعوها، ولقيادة الجماهير في موكب الخبز والحرية واستعادة الشرعية والديمقراطية، وكسر شهوة الاحزاب الصغيرة للكراسي غير المستحقة واعادتهم إلى شرف المنافسة والجماهير والصندوق.
هبوا أيتها الجماهير الثائرة المؤمنة الأبية.. هبوا لحماية ثورتكم تحت الشعار المبدئي الرصين:
أخي فامض لا تلتفت للوراء * طريقك قد خضبته الدماء
و لا تلتفت ههنا أو هناك * ولا تتطلع لغير السماء
فلسنا بطير مهيض الجناح* ولن نُستذل ولن نُستباح
وإني لأسمع صوت الدماء* قوياً ينادي الكفاحَ الكفاح

حسين خوجلي

Exit mobile version