وغنى الكاشف:
وين يا أسمر؟… فين يا أسمر؟..
وربما أجابه الأسمر هذا: أنا هنا… أنا هنا..
حتى ولو كانت إجابةً عملية… وليست كلامية..
بمعنى أن تتمثل ظهوراً أمام المغني فيدرك أن أسمره موجود..
ولكن على صعيد راهننا السياسي فالأمر مختلف..
فنحن لدينا جملة تساؤلات تبدأ كلها بمفردة وين؛ ثم لا إجابة..
لا إجابة عملية..
وإن كانت هنالك إجابات كلامية لا تُسمن – ولا تُغني – من ظهور..
فكل أسمر نسأل عنه لا يظهر أبداً..
فعلى سبيل المثال نحن نسأل سؤالاً بسيطاً – ودستورياً – وين يا برلمان؟..
ويرد حمدوك – في كل مرة – قائلاً: هو موجود..
أو موجود بالقوة – حسب الاصطلاح الفلسفي – في عقله..
وسوف يوجد – فعلاً – على أرض الواقع عما قريب..
ونظل ننتظر – ونترقب – ظهور الأسمر البرلماني هذا؛ فلا يظهر أبداً..
ويظهر – عوضاً عنه – حمدوك مرة أخرى..
ليجيب عن تساؤلنا ذاته: وين يا برلمان؟… بالإجابة ذاتها: موجود وسيظهر..
ولا يظهر؛ ويظهر – بدلاً منه – حمدوك… وكالعادة..
وكالعادة يعد ولا يفي… أو يوفي..
ويظل أسمرنا هذا كما أسمر الشاعر ابن أبي ربيعة إذ يقول فيه… أو فيها:
ليت هنداً أنجزتنا ما تعد… وشفت أنفسنا مما تجد
أو كما أسمر شاعرنا عزمي أحمد خليل: عدى فات زي كل غيمة..
فندعه؛ ونسأل عن سمرٍ أُخر في حياتنا..
نسأل: طيب وين مفوضية الانتخابات؟… ووين المحكمة الدستورية؟..
بل ووين حكومة الكفاءات؟..
وكالعادة – ومن ترك عادته قلت سعادته – يظهر لنا حمدوك..
يظهر بدلاً من السُمر..
وكعادته – أيضاً – يقول كلاماً يذكرنا بخطاب الوثبة ذاك من تلقاء البشير..
وأقطع ذراعي إن كان البشير نفسه فهم منه شيئاً..
أو يقول كلاماً – كما في خطابه الأخير قبل يومين – يذكرنا بخطاب الزعيم..
فخطاب حمدوك هذا كان كلاماً… أي كلام..
وعندما كثر سؤال الناس: ماذا قال آنفاً؟… حاولت أن أعينهم على الفهم..
فأحضرت خطاب عادل إمام في مسرحية الزعيم..
والذي يبدأ بنسيان حتى اسم من يخاطبهم فيهمس له مستشاره: دول الشعب..
وقلت لهم: من يفهم هذا… فقد فهم ذاك..
وهكذا حمدوك دوماً في خطبه؛ يبدو مطبطباً على رؤوس الجميع..
يريد أن يُرضي الكل؛ أن يُرضي الأطراف كافة..
فتكون النتيجة كلاماً غير مفهوم..
يقول أي شيء… ولا يخرج الناس منه بشيء… ولا يتحقق من وعوده شيء..
أو ربما يصح تشبيهه بخطب مرسي الأخيرة..
خطب رئيس مصر السابق – محمد مرسي – في نهايات عهده القصير..
وعقب خطابه الأخير – بالذات – تنبأت بزوال حكمه..
فقد بدا منفصماً عن الواقع تماماً… وغير مدرك لما يُحيط به من خطر..
وكذلك – بالضبط – حمدوك الآن..
ونصيحتي للقلة المهيمنة عليه – وعلى السلطة – أن تدرك أمراً مهماً..
وهو أنهم سيضيعون الثورة برمتها..
لا هم وحدهم… ولا حمدوك وحده… ولا امتيازاتهم وحدها..
سيضيعون الثورة؛ ونحن معها… دونما ذنب..
ولن ينفعهم أن يغنوا – أو نغني نحن – من بعد الضياع:
وين – وفين – يا أسمر؟..
ويــــــن؟
صحيفة الصيحة