عبد اللطيف البوني يكتب:إذ قال لقمان ..

البوني

(1 )
أصدقكم القول انني فوجئت بالحلقة التلفزيونية الأخيرة التي قدمها الأستاذ لقمان احمد مدير التلفزيون في برنامجه الاسبوعي لانها كانت حوارا حقيقيا من أجل البناء الوطني حيث استضاف فيها استاذين جامعيين وعالمين جليلين أحدهما من الشرق وهو البروفسير أوشيك ابوعائشة سيدي اوشيك والآخر من جنوب كردفان هو البروفسير جمعة كندة وسبب المفاجأة ان هناك شيئا من التباين في وجهات نظر الضيفين لكنهما أدارا هذا التباين بحكمة واقتدار لان اي منهما كان يحترم وجهة نظر زميله ثم ان الأستاذ لقمان على غير العادة قاد الحوار بسلاسة ولم يكن جزءا منه . أكاد أجزم بان كل الحلقات السابقة التي شاهدتها من هذا البرنامج كانت عبارة عن منلوج ليس فيه أي حوار انما تناغم تام بين الضيوف وهم يثرون وجهة نظر واحدة ومقدم البرنامج يقوم بدور المايسترو وهذا ايضا شكل من أشكال الخدمة الإعلامية قابلة للقبول وقابلة للرفض على حسب موقف المتلقي السباسي
(2 )
في حلقة السبت الأخيرة دافع البروفسير اوشيك دفاعا قويا ولكن بلغة ونبرة هادئة عن قضايا الشرق وعن ما يقوم به الناظر محمد الامين ترك في شرق السودان وعزا كل ما يجري لاتفاقية جوبا وأوضح ان الناظر ترك وغيره من النظار والعمد سافروا الى جوبا اثناء المفاوضات وحذروا من ان الذين يتكلمون باسم الشرق لم يفوضهم أحد وان سير الاتفاقية في اتجاه مسار الشرق سيكون أمرا مرفوضا وقدم أوشيك عدة مقترحات للخروج من عنق الزجاجة آخرها إجراء استفتاء شعبي حول مسار الشرق ومجمل حديثه كان مطمئنا بان حلا يمكن ان يلوح في الأفق اذا تحلى الجميع بالموضوعية . أما البروفسير كندة وهو من صناع اتفاقية جوبا فحاول ان يقلل من أهمية وجود مسار الشرق وطالب بالنظر في المكاسب التي جاء بها المسار والبناء عليها ولكنه أبدى استغرابه باختفاء صوت الذين وقعوا على المسار في هذه اللحظة الحرجة وطالبهم بالظهور للدفاع عما فعلوه لانه في ذلك سيكون بداية لحوار حقيقي، أمن المتحدثان على ان الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة ورفضا رفضا باتا اي حل أمني . في نهاية الحلقة قال الاستاذ لقمان ان التلفزيون مفتوح لكل وجهات النظر وان أهل الشرق مرحب بهم فيه وإن التلفزيون على استعداد للذهاب لاستضافة الناظر محمد الأمين ترك شخصيا.
(3 )
بعد الحلقة عدت لتسكعي بين الأسافير فوجدت فيديو شن فيه الناظر محمد الأمين ترك هجوما عنيفا على تلفزيون السودان ووصفة بانه أصبح حزبا سياسيا ومنصة للهجوم عليهم وطلب طرد مراسليه من شرق السودان فأدركت ان الحلقة الاستثنائية تلك كانت رد فعل لهذا الهجوم خاصة كلام لقمان في نهاية الحلقة . في تقديري ان هذا يحسب للتلفزيون وللقمان شخصيا لأنها ردة فعل عقلانية فبدلا من ان يواصل التلفزيون هجومه على ترك وجماعته كطرف اساسي في الأزمة هاهو يعتذر لهم عمليا ويعطيهم الفرصة لإبراز وجهة نظرهم وبعد ذلك يكون الحكم للمتلقي ليس هذا فحسب بل في تقديري ان الحلقة سعت لتهدئة النفوس وسعت لتقليل التوتر المتزايد وسعت لفتح الباب للحلول المتوقعة وهذا هو الدور المتوقع من التفزيون القومي الذي آصبح في الآونة الأخيرة يقوم بعمليات التأجيج أكثر من عمليات التهدئة وليت هذه الحلقة تفتح مسارا جديدا للتلفزيون عامة وبرنامج لقمان خاصة ليسهم في تماسك اللحمة الوطنية وليجد أكثر السودانيين أنفسهم فيه .

صحيفة السوداني

Exit mobile version