الفيسبوك.. حين صمت العالم

عصر الاثنين كان العالم يتثاءب منصتاً لضجيجه المعتاد، وكان أزيز رصاص الإرهاب يدوي في سماء الخرطوم “الملبدة بالأكاذيب”، ثم أصاب العالم صمم مفاجئ لم يكن في الحسبان.
ضرب خلل تقني قاهر تطبيق “الفيسبوك” ثم لحقت به تطبيقات “واتساب” و”انستغرام” و”تليغرام” وهذه أكثر شبكات التواصل الاجتماعي إستخداماً، إذ يتواصل بها الملايين حول العالم. تعطلت فتعطلت لغة الكلام. قال موقع “داون ديتكتور” إنه تلقى 14 مليون بلاغ بتعطل منصات فيسبوك المختلفة.
تشير التقديرات إلى أن المشكلة بدأت في حوالي الرابعة مساء بتوقيت غرينتش، يوم الاثنين، وفي الوقت الذي كانت الخدمة الرئيسية لفيسبوك مزدحمة، أبلغ المستخدمون بعدم قدرتهم على النشر، كما تعرض تطبيق واتس آب التابع لفيسبوك لمشكلات مماثلة، وكذا الحال مع تطبيقات أخرى شبيهة.
خسائر هائلة تم إعلانها فوراً ومن ضمنها خسائر شركة فيسبوك نفسها. أعلنت مجلة “فوربس” الأمريكية، أن مؤسس موقع “فيسبوك” مارك زوكربرغ خسر حوالي 7 مليارات دولار، بسبب تراجع أسهم “فيسبوك” بنسبة 5% بعد تعطل منصات التواصل الاجتماعي التابعة للموقع، ذلك هو الاقتصاد الرقمي ومؤسف أن حظنا منه، في السودان، جد قليل، ولذلك شاركنا في حفل السخرية من الأمر برمته، حيث اشتعل تطبيق (تويتر) المجاور بنكات حول انقطاع خدمة وسائل التواصل الاجتماعي وتسببها في انهيار المجتمع، فلم يعد “أحد يتذكر كيفية الوصول إلى عائلته وأصدقائه أو تناول الطعام دون نشر تحديثات في مواقع التواصل الاجتماعي” حسب تعبير موقع BBC News
حتى وقت متأخر من ليل الاثنين لم تفصح شركة “فيسبوك” عن سبب العطل التقني الذي أصاب تطبيقاتها، واكتفت برسالة مقتضبة قالت فيها إنها “تدرك أن بعض الأشخاص يواجهون مشكلة في الوصول إلى تطبيقاتها ومنتجاتها”. وأضافت في تغريدة على حسابها الرسمي بموقع “تويتر”: “نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها، ونعتذر.”
في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يأخذون مثل هذه الأمور بجديّة، ألمح متحدث باسم “البنتاغون” لوجود مهدد أمني خلال فترة تعطل مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن خبيراً تقنياً كان يتحدث لإحدى القنوات استبعد فرضية الهجوم السيبراني أن يكون هو سبب هذا العطل في التطبيقات، ومع ذلك قال : إن مرور 4 ساعات على تعطل الفيسبوك مثير للريبة.
لقد كانت لحظة خاطفة، ولكنها كافية ليتأمل العالم حاله وأين وصل لنقطة لم يعد الفاصل بين ما هو حقيقي وافتراضي واضحاً، بل تداخل الواقع والافتراضي لمدى مرعب، لم تعد الدنيا كما كانت لقد دخلنا جنة “الدنيا الجديدة” أو جهنمها دون أن نشعر، وأصبحنا أسرى لهذه التطبيقات المتطورة.

محمد المبروك
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version