* كان يوم الأحد الماضي، 26 سبتمبر، يوماً هادئاَ في الصباح، وعند الضحى هبّت العاصفة. بدأت بمخاطبة في المركز القومي للقلب بالخرطوم خاطبها رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان الذي وجد المكان مناسباً لإطلاق نيران كثيفة تجاه غريمة الشق المدني في الحكومة وبدأ وكأن فراقاً، بغير إحسان، بين طرفي المعادلة الإنتقالية (الحرية والتغيير، والمنظومة الأمنية) قد تشكل في أفق الخرطوم.
* في ظهيرة يوم الأحد، تصاعدت الحرب الكلامية بين الطرفين إلى تدابير عمليّة وراحت الأنباء تتدفق في مجرى المواجهة الملتهبة فقد نقل مراسلو القنوات الفضائية خطوطاً عاجلة تفيد بأن المكون العسكري بمجلس السيادة قرر تعليق جميع الاجتماعات مع المكون المدني، ثم برز خبر سحب الحراسات من مقار لجنة إزالة التمكين المثيرة للجدل، مما يعني تطوراً سالباً وربما قطيعة محتملة بين اطراف المعادلة الإنتقالية، وزاد حالة التوتر التي خيمت على الخرطوم بنبأ قطع الوفد الحكومي زيارته إلى بورتسودان وقرر العودة إلى الخرطوم. ضاع وسط هذا الحفل الصاخب خبر قرار نادي القضاة بتعليق عمل جميع المحاكم في السودان لمدة 3 أيام احتجاجاً على فصل لجنة التمكين 17 قاضياً وذلك لأن لجنة التمكين نفسها تحولت، في تلك اللحظة، لمنصة المكون المدني حيث أستدعت مناصيرها إلى مقرها الرئيسي لمجابهة التطورات المتسارعة.
* كان يوماً طويلاً ولم تنتهي تداعياته حتى اليوم وستظل النتائج المترتبة عليه مستمرة لفترة طويلة لأن القضايا التي تم الطرق عليها من قبل الطرفين لا تزال عالقة ولم تزيدها التصريحات والاتهامات المتبادلة سوى تعقيداً.
* من الواضح أنّ كلا الطرفين لم يكن جاهزاً لإتخاذ خطوة جديدة وكأن العاصفة التي صنعها الطرفان (العسكري، والمدني) كانت بنت اللحظة والظروف وليست نتيجة مخطط لدفع الأمور نحو نقطة اللاعودة كما ظن البعض، لذلك صار الحدث نفسه يدور حول نفسه بلا تقدم للأمام.
* إنتهت عاصفة الأحد، ولكنها تركت خراباً في نفوس أبطالها وندوباً في جسد المشهد السياسي وفتحت المسرح لإحتمالات عديدة خلال قادمات الأيام بعد أن يجلس كل طرف لدراسة وتمحيص خطواته القادمة لأن أي خطوة غير مدروسة ستكون نتائجها وخيمة عليه وعلى الوطن.
محمد المبروك
صحيفة اليوم التالي