بفضل موقعه الجغرافي الهام واختصاره لمسافة العبور بين المحيطين الأطلسي والهادئ، تحوّل برزخ بنما إلى أهم المناطق الاستراتيجية بوسط القارة الأميركية. وعلى إثر توسعها على حساب المكسيك وحصولها على مناطق تكساس ونيومكسيكو ونيفادا وكاليفورنيا وأريزونا ويوتا وأريزونا وكولورادو، أبدت الولايات المتحدة الأميركية اهتماما بالموقع الاستراتيجي لبرزخ بنما. وأملا في الحصول على امتيازات بهذه المنطقة(بحسب العربية)أبرم الأميركيون جانبا من الاتفاقيات مع جمهورية غرناطة الجديدة، التي انتمى إليها برزخ بنما، وحصلوا عام 1846 على حق التدخل عسكريا بهذا الموقع الاستراتيجي المطل على المحيطين الأطلسي والهادئ لضمان حياده في حال تعرضه لهجوم أجنبي أو اندلاع حرب أهلية بغرناطة الجديدة. ومع اكتمال خط سكة حديد بنما الذي ربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ عام 1855، تزايدت المطامع الأميركية بهذه المنطقة التي تحولت لشريان اقتصادي رئيسي بوسط القارة الأميركية. قطعة بطيخ وأعمال عنف يوم 15 نيسان/أبريل 1856، حلّ ببنما قطار نقل على متنه نحو ألف شخص باتجاه كاليفورنيا. ومع نزولهم من القطار، اتجه الركاب للتجول بأرجاء بنما في انتظار استئناف رحلتهم في وقت لاحق. وفي خضم ذلك، لم يتردد بعض المسافرين في التوجه نحو حي سياناغا (Cienaga) الفقير الذي اكتظ بالعمال والمهاجرين الجدد والعبيد المحررين. في حدود الساعة السادسة مساء، اقترب رجل أميركي من بائع الغلال الفقير جوزيه مانويل لونا (José Manuel Luna) وتناول من عنده قطعة بطيخ أحمر رفض فيما بعد دفع ثمنها. وعقب مناوشات كلامية بين الرجلين، سحب الأميركي مسدسا بينما تسلح جوزيه مانويل لونا بسكين كانت بحوزته. وفي خضم هذه الأحداث، تدخل رجل أميركي آخر وحاول تهدئة الوضع عن طريق دفع ثمن قطعة البطيخ الأحمر التي تناولها مواطنه. إلى ذلك، فشلت هذه المحاولة واتجه الوضع للتصعيد تزامنا مع قدوم العديد من سكان حي سياناغا مسلحين بالخناجر والبنادق. وخلال الساعات التالية، اندلعت اشتباكات مسلحة بين السكان المحليين والأميركيين الذين فضّلوا الاحتماء داخل محطة القطار. وفي الأثناء، تجددت الاشتباكات بين الأميركيين والسكان المحليين تزامنا مع قدوم رجال الشرطة قرب محطة القطار. لاحقا، أقدم السكان الغاضبون على تدمير جانب هام من محطة القطار حيث تعرض خطا السكة الحديدية والتلغراف لعملية تخريب كبيرة جعلتهما خارج الخدمة. 500 ألف دولار حسب تقرير السفير الأميركي بالمنطقة، قتل ما لا يقل عن 15 أميركيا وأصيب 50 آخرون خلال أعمال العنف التي اندلعت قرب حي سياناغا. وخلال الأيام التالية، أرسلت الولايات المتحدة الأميركية الدبلوماسي آموس كوروين (Amos Corwine) لإجراء تحقيق حول الحادثة. في تقريره، اتهم كوروين شخصا يدعى ميغيل هابراهان (Miguel Habrahan) بسرقة مسدس أحد الأميركيين وإشعال فتيل أعمال العنف بالمنطقة. وبتقرير آخر أجرته غرناطة الجديدة، اتهم الأميركيون بإثارة العنف بحي سياناغا عن طريق الاعتداء على سكانه. يوم 19 أيلول/سبتمبر من نفس العام 1856، حلّت فرقة عسكرية أميركية مسلحة تكونت من 160 جنديا واحتلت محطة القطار لأيام قبل أن تعود أدراجها. وقد برر الأميركيون تدخلهم هذا ببنود اتفاقية سابقة سمحت للأميركيين بالتدخل للحفاظ على السلم والحياد ببرزخ بنما. خلال الأشهر التالية، وافقت جمهورية غرناطة الجديدة على تقديم تعويض للولايات المتحدة الأميركية حول الحادثة. وبموجب اتفاقية أبرمت بين الطرفين، قدّمت سلطات غرناطة الجديدة مبلغ 500 ألف دولار للجانب الأميركي. من ناحية ثانية، دفعت الحادثة المسؤولين بغرناطة الجديدة للتفكير جديا بحفر قناة تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ لتجنب احتكاك المسافرين بالسكان المحليين.
الخرطوم(كوش نيوز)