(1 )
ولدنا وصديقنا محمد محجوب نشأ محبا لكرة القدم وهو من عشاق المريخ لدرجة الوله ومن النوع الذي يحرد الأكل في حالة هزيمته ويمكن ان يمضي الساعات وهو ينافح عنه دون كلل او ملل فجأة اعتزل تلك الهواية وأقسم بالثلاثة ألا يجيب سيرتها ولم يكن مستعدا لإبداء اي أسباب لاي شخص مهما كانت علاقته الرياضية به، فسألته ذات مرة عن سر ذلك التحول الدراماتيكي فخصني بالسبب قائلا انه في مباراة بين الهلال والمريخ وانهزم فيها المريخ وبينما كان هو يتمزق من الداخل شاهد لاعبي الفريقين خارجين من الميدان وهم يتضحاكون كأصدقاء حميمين فقال في نفسه طيب ياجماعة انا حارق رزي فوق كم ومن لحظتها ترك الرياضة نهائيا.
(2 )
في أمسية يوم الخميس الماضي وفي نشرة الأخبار التلفزيونية الرئيسية تصدرها خبر مصور فحواه الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء لإجازة التعديل الذي طرأ على ميزانية 2021 فامتلأت الشاشة بصورة البرهان وهو يترأس الجلسة الى جانبه حمدوك وبقية الجماعة من المجلسين والبسمات ما تديك الدرب وتجعلك لا تستبعد وجود القفشات، فهذا يحدث نهار الخميس ولو رجعت لليوم الذي قبله يوم الأربعاء اي صبحية ما اصطلح عليه بالمحاولة الانقلابية الفاشلة (21 سبتمبر 21 ) حيث امتلأت الشاشات بحرب التصريحات بين المكونين والتكشيرة ما تديك الدرب الأمر الذي لم يحدث مثله خلال العامين المنصرمين وتكاد تجزم معها أن العلاقة بين المكونين المدني والعسكري لحقت أمات طه والأهم من ذلك انها رفعت درجة التوتر لدى جميع أفراد الشعب ووضعوا أيديهم على قلوبهم خوفا على أمن البلاد واستقرارها ثم تنتقل الى مساء الخميس وترى الجماعة والبسمات تملأ الشاشات وآخر انبساط سوف تحذو حذو محمد محجوب وتقول ما دام الأمر كذلك أنا حارق رزي فوق كم.
(3 )
في مطلع تسعينات القرن الماضي كتبت مقالا دعوت فيه الى ان يهتم الناس بالشأن السياسي ولايتركوه للسياسيين وحدهم، وبعد ذلك المقال وبمدة ليست بالقصيرة جمعتني الظروف بالعالم الجليل وأستاذ الفلسفة بجامعة الخرطوم البروفسير عبد الله حسن زروق طيب الله ثراه ودون سابق معرفة مباشرة بيننا انفرد بي وقال لي انا كايس ليك من زمن بعد ان قرأت مقالك الفلاني ورغم الحيثيات القوية الواردة فيه أسمح لي اختلف معاك شوية وكان فحوى حديثة ان الانشغال بالسياسة فرض كفاية وان المواطن العادي يجب ألا ينشغل بالسياسة ويتركها للسياسيين ويستعمل حقه السياسي في الوقت المطلوب كساعة التصويت مثلا وقال لي انتو كمدرسين لعلم السياسة وكتاب صحافيين مارسوا دوركم في التوعية والتثقيف السياسي وأطلبوا من المواطنين ان يجودوا أدوراهم في الحياة بعيدا عن السياسة والسياسيين عشان الحياة تستمر .
(4 )
تأسيسا على موقف ولدنا محمد محجوب في الفقرة (1) كنت أود أن أقول اليوم للناس ما تحرقوا رزكم في السياسة فانها قائمة على الدراما ولعبة الثلاث ورقات وتأسيسا على درس استاذ الأجيال البروف زروق الوارد في الفقرة (3) كنت اود أن أقول للناس لاتنشغلوا بالسياسة وجودوا أعمالكم فالبلاد محتاجة لكم في غير السياسة، ولكن قبل ذلك وجدت نفسي مضطرا لتوجيه الحديث لقادة العمل السياسي في البلاد وأقول لهم جمعيا عسكريين على مدنيين فاهمين على غشيمين ثوريين على محافظين ديسمبريين على يونيويين ما تقدمونه من (مسلسلات) أصبح يضر بالبلاد والعباد وللحديث بقية إن شاء الله .
صحيفة السوداني