منذ نحو أسبوعين، ظلت قائمة تبين من يحق لهم امتلاك سلاح شخصي وفق اشتراطات وزارة الداخلية تجوب الأسافير، قبل ان تعلن أمس الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية بدء العمل بلائحة ترخيص الأسلحة الجديدة وفق الضوابط واللوائح المنظمة للحيازة.. وربما ساعد على تداول قائمة الاشتراطات مطالبة العديد من المواطنين السماح لهم بامتلاك اسلحة شخصية للدفاع عن انفسهم في ظل تنامي وتفشي التفلتات الأمنية، التي أودت خلال الفترة الماضية بحياة عدد كبير من المواطنين، كما لم يسلم منها كثير من المواطنين الذين تعرّضوا للضرب والنهب المسلح واختطاف المقتنيات، غير ان تداول اللائحة واعلان الشرطة عبر خبر صادر عن المكتب الصحفي للشرطة ونشره في وكالة الأنباء الرسمية، اعتبره عدد من المتابعين والمراقبين دعوة صريحة من وزارة الداخلية للمواطنين بالتسلح لحماية أنفسهم.
إتاحة
وبحسب الخبر، فقد أتاحت الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية الحصول على ترخيص الاسلحة او تجديد الرخص بمجمعات خدمة الجمهور بالمدن الثلاث الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، فقد أوضح العميد شرطة حقوقي محمد سلمان الحسن ميرف مدير إدارة تنظيم حيازة السلاح الناري بالادارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية أن منح ترخيص السلاح يتم لأغراض محددة في القانون تمثلت في الدفاع عن النفس ولممارسة مهنة الصيد ولأغراض الرياضة، لكنه أشار إلى أن اللائحة الجديدة أجازت حمل السلاح للأشخاص ذوي الكفاءة من منطلق ضمان الاستخدام السليم والمحافظة على السلاح، مشيراً الى أن لائحة تنظيم حيازة الأسلحة والذخائر للعام 2021م استندت على قانون الأسلحة والذخيرة والمفرقعات للعام 1986م.
إضافات
العميد ميرف أوضح ان اللائحة الجديدة أضافت (9) فصول جديدة بزيادة (11) مادة أخرى، إضافة لشروط جديدة تضمن حضور مقدم الطلب شخصياً، وأن يكون الشخص كفؤاً ومؤهلاً لحمل السلاح، وأن لا يقل عمره عن (30) عاماً، وأن يكون حسن السير والسلوك، ولم تتم إدانته في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، ويتم عمل شهادة بحث جنائية (فيش) لمقدم الطلب، بجانب التأكد من اللياقة الطبية والنفسية والعقلية بشهادة معتمدة من مستشفى الشرطة، بجانب أن هنالك فحصاً للكحول والمخدرات بتقرير من الأدلة الجنائية، وأشار إلى أن اللائحة الجديدة اضافت فترة تدريبية عملية لاستخدام السلاح ومحاذيره وذلك عبر ثلاثة مراكز بواسطة مدربين أكفاء بمعهد تدريب ضباط الشرطة بالخرطوم والشجرة والخرطوم بحري، وكشف عن حالات محاذير من فقدان السلاح أو سفر صاحبه للخارج، وضعت ضوابط لحفظه في أقسام الشرطة بدائرة الاختصاص او مكاتب المباحث المركزية بالولاية المعنية.
شروطٌ قاسيةٌ
وأكد مصدر من داخل وزارة الداخلية ان تداول اللائحة بكثافة وسط المواطنين لا يعني الدعوة للتسلح، واشار الى أن اللائحة نفسها وضعت شروطاً قاسية لامتلاك السلاح، ولفت الى ان المواطن من حقه امتلاك السلاح متى ما وافق الاشتراطات التي تضعها الحكومة ووزارة الداخلية، مشيراً الى ان الامر ليس جديداً، بل ومشرع بالقوانين مثل قانون حيازة الأسلحة والمفرقعات، وأوضح ان الربط بين تداول الفئات التي يحق لها امتلاك السلاح الشخصي بكثافة نتج عن حالات فردية وقعت على المُواطنين من مجرمين، مبيناً أن ضبط المجرمين أمرٌ ينعقد للشرطة والجهات العدلية وليس على المواطن أن يقوم بأخذ حقوقه بنفسه.
تحذيرٌ
وإن كان عدد من المواطنين الذين تحدثوا لـ(الصيحة) حذّروا من مغبة أن يمتلك المواطن سلاحاً، فقد اشاروا الى أن من أولويات وزارة الداخلية ان تمنع ابتداءً انتشار السلاح وفق ما يراه المواطن الآن، خاصة لدى القوات النظامية، ولفتوا الى أن كثيراً من مخالفات الاسلحة تنتج من منتمين للقوات النظامية ما يُشير إلى أن وزارة الداخلية كان عليها أن تعمل على حسم ظاهرة استخدام السلاح على القوات النظامية، لا ان تعمل على إتاحة امتلاكه بشروط معهما كانت قاسية إلا انها ميسورة الحصول عليها.
وقال المواطن أسامة عثمان لـ(الصيحة) انه كان ضمن احدى القوات النظامية في السابق، وكان يُحظر عليهم الخروج بالسلاح من وحداتهم إلا في حالة تنفيذ عملية تتطلب وجود سلاح، ولفت الى ان الامر الآن ليس كما مضى فقد أصبح عدد كبير ممن ينتمون للقوات النظامية يحملون اسلحة بمختلف أنواعها ويسيرون بها وسط المواطنين.
تَخَوُّفٌ
وربما يتخوّف المواطنون من ان يؤدي تسهيل أمر امتلاك السلاح لمزيد من التفلتات والحوادث، واستشهد المواطن حسن عبد الرحمن في حديثه لـ(الصيحة) بما يحدث داخل الأفراح السودانية التي يتم استخدام الأسلحة فيها بكثافة ما أنتج عدداً من حوادث القتل، مستشهدين بحادثة مقتل عريس مدينة الدامر الشهر الماضي على يد أحد أصدقائه الذي استخدم السلاح بطريقة خاطئة ادّت لمقتل العريس.
لكن بالمقابل، فإن مدير إدارة تنظيم حيازة السلاح الناري بالادارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية العميد محمد سلمان الحسن ميرف أوضح أن اللائحة الجديدة حسمت ذلك الأمر تماماً عندما وضعت قيوداً على استخدام السلاح في غير ما رخص له، وقال “استخدام السلاح في غير أغراضه يوجب سحب الرخصة فوراً من صاحبه كما في المناسبات الخاصة أو العامة”.
خطوة إيجابية
ويرى كثير من المتابعين أن أساس كثير من مشكلات البلاد انتشار السلاح غير المقنّن بصورة كبيرة في أيدي المواطنين، بيد أنهم يشيرون إلى أن اللائحة من شأنها أن تُقنِّن وجود الأسلحة وتوسمها وتعرف من معه السلاح، وأشاروا إلى أن اللائحة خطوة مهمة في طريق سيطرة الحكومة ووزارة الداخلية على السلاح والحَد من انتشاره.
تقرير- محجوب عثمان
صحيفة الصيحة