جدو أحمد طلب يكتب : (دقلو الخير)

“دقلو الخير” هذا العنوان ربما يدعو القارئ الكريم للتساؤل، لماذا أخترته وما هو المقصود منه وما الغرض من ذلك ثمة تساؤلات تدور في ذهن قراء زاوية بصراحة أكتر .

عزيزي القارئ الكريم “دقلو الخير” يٌعد من أبناء هذا الوطن الخٌلص وهو يقدم من حين لآخر لبلده الكثير، ولعل ذلك واضحاً من خلال القوافل الإنسانية التي تخرج من الخرطوم بين الفينة والأخرى لنجدة المتضررين من السيول والفيضانات بجانب المتضررين من الأحداث التي شهدتها ولايات البلاد وكل ذلك لأجل الوطن وأهله.

الوقت كان يٌشير للسادسة صباحاً عندما تحركنا برفقة الزملاء الصحفيين إلي جبل أولياء لنصل بقافلة المساعدات الإنسانية التي سيرها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو لنجدة (٥٣) قرية متضررة من الفيضانات بمنطقة جودة بمحلية الجبلين بولاية النيل الأبيض .

وصلنا جبل أولياء ولحظة الوصول إلتقينا بالناطق الرسمي بإسم قوات الدعم السريع قائد القافلة ، استقبلنا بابتسامة عريضة مرحباً بكم ، أسعد أن تكونوا رفقة هذه القافلة ، بدأ المشوار اتجهنا بسرعة كبيرة وحينما بدأت السيارات تسير على الطريق المشهد أكثر من روعة قافلة ضخمة جداً ومن على البعد تشاهد مؤخرة السيارات الجنود على بعض السيارات فرحيين جداً بأن اختارهم ربهم لخدمة المتضررين ، نسير على الطريق وكلما اقتربنا من قرية نجد أهلها مصطفون على الطريق وسواعدهم ترفرف ونفوسهم تٌحدثنا مرحباً جنود الوطن البواسل وجدناهم مرفوعين الرأس، بعد (٥) ساعات وصلنا مدينة ربك وهنا بدأ الإستقبال غير المعهود ، خرجت المدينة على بكرة أبيها الأطفال والشباب العجزة والنساء وحكومة الولاية جميعهم ترى جمال هذا الوطن مرسوم على خديه ، الكل يهتف شكراً حميدتي ود حمدان ، لحظة كانت لا توصف بتاتاً حينما اختلط الجنود بأهلهم في بحر أبيض وهنا شاهدنا الأدمع في أوجه أهل بحر أبيض تسيل فرحاً بأن وصل الخير من “دقلو الخير” .

مره أخرى خرجنا ونحن أكثر قوة وعزيمة اتجهنا صوب محلية الجبلين والمشهد هنا غير الذي وجدناه في بحرنا الأبيض أم القرى وما ادراك ما أم القرى من على البعد نشاهد العمائم بيضاء وصلنا وقد وجدنا كل القرية كذلك قد خرجت لإستقبالنا ، هذا الإستقبال لم نشهده من قبل حتى في المحافل الرسمية بهذه الصورة ذات النحر والذبح اكرمونا بصورة لا توصف واقسمو علينا أن نبيت معهم ، حاول القائد جمال جمعة إلا أن المحاولة لم تأتي أكلها ، أخذنا الليلة معهم وعند شروق الفجر خرجت علينا المدينة مره أخرى الكل يقدم إلينا وعلى يديه سيرمس حليب وأشياء أخرى ، اكرمونا ولم يستبقو شيئا.

الساعة تشير إلى السابعة صباحاً خرجنا من أم القرى متجهين صوب الجودة ونحن في طريقنا إليها وجدنا الطريق مغلق أمامنا شاهدنا وقوف كميات كبيرة من الشاحنات ويبدوا عليها قد وقفت كثيراً ، وصلنا نقطة القفل وجدنا لجان المقاومة صابنها صب على مدخل الجودة في الطريق الرئيسي الذي يربط السودان بجنوبنا الحبيب . نزل إليهم القائد جمال جمعة بمعية النقيب الهادي جاموس تحدثوا إليهم بعد عشرون دقيقة نراهم يحاولون إزاحة الترس عن الطريق يا الله إنه مشهد عظيم وصلناهم فكان الكل يهتف “حباب الدعامة حباب قافلة ود حمدان” ، تحدث إلينا ممثلهم وقد أقسم أن هذا الطريق ظل مغلق طوال فترة ثلاث أشهر وقد جاءتنا كل السلطات فرفضنا لكن إكراماً للقائد ولد حمدان سنعلن رفع الترس ونحن وأنتم جميعاً سنذهب إلى جودة الحمدلله الأمور تسير بصورة طيبة .

عشرون دقيقة بالتمام تفصلنا عن جودة وصلنا وهنا بات الحزن سيد الموقف الجميع على اليابسة يفترش الأرض ويلتحف السماء النساء والأطفال العجزة والمسنين الكل هنا الحزن قد بان على وجهه ، وما أن دخلنا عليهم وقد ضجت الأرض ضجا الصوت عال ما بين حزينً وفرحان ، رحبوا بنا وانخرط قائد القافلة مع لجانهم في إجتماع ومن زاوية أخرى باشر النقيب جاموس عمله في إنزال كل ما جاءت به القافلة على أرض جودة هي لحظة أكثر من إنسانية ، الجنود يشاركون الأهالي مصيبتهم، خرج إلينا القائد وقد أخبرنا أننا سنكون على عدد من القوارب لنصل إلى(٥٣) قرية بالفعل (٩) ساعة ونحن داخل المياه نتجول لنقف على حجم الضرر الذي تعرضت إليه المناطق ، ومن زاوية أخرى الجنود في قوارب تبدو لنا من بعيد وهم يحملون ما تبقى من امتعة الأهالي التي لم يستطيعوا أخذها مشهد أكثر من بطولي سجله فرسان قوات الدعم السريع الذين ما تهاونوا يوما عن أداء واجبهم رغم كثافة المياه ووعورة الطريق عدنا والعود احمد ، لحظة الوداع كانت هي الأمر في تاريخ الرحلات الإنسانية ، لا تذهبوا ابقو معنا ، لم تصلنا قافلة قبلكم ولولاكم لكان الحال أصعب شكراً أيها الدعامة شكراً جنود وأسود الحارة ، أخبروا عنا رجل السلام حميدتي ود حمدان من أننا نكن له كل الإحترام والتقدير وهو الأحب إلي قلوبنا جميعاً سندعو الله له ما حُيينا، هكذا كان يتحدث أهالي جودة خرجنا منهم واعيننا تفيض من الدمع وعبر مداد الكلمة أيضاً نقولها شكراً عزيزاً نبيلاً جميلاً ولد حمدان، ودعماً سريعاً لكل زمان ومكان.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version