في زمن الأندلس كثرت أماكن التعليم، أوّل مركز للتعليم كان المسجد، لقد امتلأت الأندلس بالمساجد، قرطبة مثلا كان بها 4015 مسجد، نعم يبدء الطفل الصغير بتعلم القرآن والحديث واللغة والعربية وغيرها، وكانت تقام بها حلقات العلم.
كانت هناك مدرسة بجانب كل مسجد بها مكتبة ومطاعم وقاعة لعب تناسب الأطفال، كما كان التعليم بالمنازل، تشرف عليه نساء الأندلس العالمات والمتعلمات، وقد تمّ بناء هذه المدارس لحفظ حرمة المساجد، كلنا كنا أطفال ونعرف ماذا كنا نفعل، بعد أن يتعلم الطفل اللغة والقرآن، ينتقل إلى طور آخر، وهو تعليم اللغات الأخرى، والعلوم ومختلف الفنون خاصة الفروسية وأساليب الدفاع عن النفس، وتقنيات البقاء، والأمور التي تهم الفتاة والفتى، ويقى للطالب الخيار إمّا أن يستمرّ لوحده، أو يتلقى العلم في بيوت العلماء بمختلف التخصصات.
وقد كان علماء الأندلس يخصصون قاعات دراسة بمنازلهم، يدرّسون الطب والفلك والكيمياء والرياضيات والأدب والشعر وكلّ العلوم، ثم يعطون شهادات للناجحين، وتكتمل مسيرة العلم من جديد، وبهذه الطريقة تخرّجت قوافل العلماء والفقهاء والأدباء على مرّ عصور حضارة الأندلس التي أضاءت العالم.
في ذلك الوقت أيضا كانت الأندلس وخاصة قرطبة بمثابة منارة علم وجامعة تستقبل الكثير من الطلبة من مختلف أنحاء العالم خاصة أوربا، كانوا يتعلمون العربية والعلوم ويأخذون شهادات بذلك، وكان تعلّم العربية والحديث بها يعبّر في مجتمعاتهم على الرقيّ والتحضّر،
—
بعد سقوط الأندلس، دمرت إيزابيلا المجـ/رمة، كل شيء، خاصة المساجد، لكن اليوم لا يزال جنوب اسبانيا يعتمد على البعض من طريقة التعليم السابق زمن الأندلس، خاصة في انتهاج التعليم الواقعي، بمعنى الدراسة بالزيارات الميدانية بالخارج خاصة حصة التاريخ، وكذلك التركيز على تعليم بعض فنون الحياة، تعلمنا ذلك، و لايزال كلّ أمر منحوت بذاكرتنا، روعة الأساتذة، روعة الدراسة، برودة المياه عندما نمشي حفاة في سواقي الطبيعة، المقالب والضحكات، طعم التوت البري، أيائل تراقبنا من بعيد، انبهارنا عند دخول قصور أجدادنا أول مرة، حصة رسم الفسيفساء العربية، حصة التمثيل في قصص وحكايات الأندلس القديمة، كلّ شيء لايزال محفور بداخلنا، تعلمنا ولا نزال نتعلم. ولا غالب إلاّ الله.
—
الصورة: مع أصدقاء الدراسة، حصة الرسم، الحقيقة كانوا أكبر مني سنّا، لأنني انتقلت من الصف الأول إلى الصفوف العليا مباشرة، لكن بقيت مغرورة ومتعجرفة، أحاول أن أكون الأعلى حتى في رسوماتي. ولاغالب إلاّ الله.
—
(ولا غالبَ إلاّ الله)
“No hay vencedor sino Alláh”
—
🦋 Nadia Rafael ELKORTOBI