كمال: عملت مندوباً لجهاز الأمن والمخابرات بكينيا
(أولاد النفيدي، البرير، إبراهيم مالك وأسامة داؤود) اعتذروا عن المساهمة في سودانير
لما يقارب الـ(5) ساعات متوالية، ظل وزير المعادن الأسبق بالحكومة البائدة كمال عبد اللطيف، يدلي بأقواله وهو واقف على قدميه أمام المحكمة تستجوبه على ذمة اتهامه ومدير شركة الفيحاء القابضة العبيد فضل المولى بفقدان شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) لزمن الهبوط والإقلاع المملوك لها بمطار هيثرو الدولي بدولة بريطانيا.
وكشف، كمال عبد اللطيف للمحكمة عدم تسبب دخول شركة عارف الكويتية كمساهم وشريك في سودانير في تشريد الموظفين والعاملين فيها – وإنما موظفو سودانير تم انهاء خدمتهم بالشركة بموجب قرار جمهوري صادر من الرئيس المعزول عمر البشير بالرقم (337) بتاريخ يوليو 2004م.
سيرة ومسيرة ومناصب
وقال المتهم الثاني كمال عبد اللطيف، خلال استجوابه بواسطة المحكمة الخاصة التي عُقدت بمحكمة مخالفات الأراضي الديم برئاسة قاضي الاستئناف عبد المنعم عبد اللطيف أحمد، بأنه تخرج في جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد في العام 81م، مبيناً بأنه وبعد تخرجه تقلد عدة وظائف أبرزها موظف بشركة عادة للتأمين الوطنية، وببنك فيصل الإسلامي السوداني، ثم انتقل للعمل بجهاز الأمن والمخابرات الوطني في العام 89م، ثم انتدب لأمن سودانير، ثم انتقل للعمل بعدها كمندوب بجهاز الأمن لدى العاصمة الكينية نيروبي، قبل أن يحال للتقاعد في 98م، ثم عين بموجب قرار جمهوري من الرئيس المعزول كرئيس مكلف لرئاسة مجلس إدارة سودانير في العام 2004م، ثم عين لاحقاً وزير دولة بمجلس الوزراء وظل به لـ(9) اعوام كأطول فترة يتلقدها وزير بهذا المنصب، منوهاً الى انه وفي العام 2010م عين كأول وزير بوزارة تنمية الموارد البشرية المستحدثة في العام 2010م، مبيناً بأنه وفي العام 2011م عيّن وزيراً لوزارة المعادن وظل بها حتى صدور قرار بإعفائه من الرئيس المعزول برفقة قيادات الصف الأول والثاني بالدولة وليس لفشله.
شراء طائرات ايرباص
وقال كمال عبد اللطيف، للمحكمة لدى استجوابه انه وبتاريخ 14 يوليو 2007م صدر قرار من المعزول بتكليفه رئيساً مكلفاً لمجلس ادارة سودانير وكان وقتها وزيراً بمجلس الوزراء ويتقاضى راتباً واحداً فقط، وظل بسودانير حتى إنهاء تكليفه في سبتمبر العام 2007م، وكشف للمحكمة بأن تكليفه بمجلس ادارة الشركة جاء بغرض رفع أسهم شركة الخطوط الجوية السودانية عبر تحسين ادائها و(خصخصتها) واتخاذ كافة الترتيبات لإعادة هيكلتها وتحويلها لشركة مساهمة عامة لمدة (6) اشهر، منوهاً الى أن الدولة وقتها لم تضع شروطا محددة لدخول اي مساهم في سودانير سوى المقدرة المالية لحل مشكلة الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد دون اشتراطها دخول خبير في مجال الطيران، لا سيما وان سودانير تعمل في مجال الطيران منذ العام 1949م، مبينا بأنه وفور تكليفه شرع في عمل إجراءات ترويج للشركة بحثاً عن مساهمين فيها لأغراض خصخصتها وذلك لتدهور وانهيار الشركة وعدم صرف مرتبات العاملين فيها من وزارة المالية، مشيراً الى انه وبعد انقضاء فترة المجلس المحددة بستة أشهر تم تمديد فترة المجلس لثلاث سنوات بناءً على طلبهم لوزير المالية الاسبق المرحوم الزبير احمد الحسن، موضحاً بأن (الزبير) وقتها صدّق لهم بمبلغ (60) مليون دولار أمريكي بموجب شيك ضمان أودع ببنك أمدرمان الوطني، فقاموا بشراء ثلاث طائرات ايرباص بسوق الطيران بالشارقة بالإمارات بمبلغ (40) مليون دولار امريكي تقريباً، اضافة الى توريدهم اجهزة ومعدات أرضية لأول مرة تدخل البلاد بمبلغ (8) ملايين دولار، الى جانب تطويرهم ادارة الهندسة والصيانات بالشركة، بجانب تطويره وضبطه قسم التمويل بالشركة الذي كان عبارة عن مطعم شعبي بحد قوله، وصيانة الطائرة (707) بوينج التي كانت متعطلة بمطار الخرطوم لمدة (3) سنوات عبر استيرادهم جهازا يحمل في قبضة اليد يسمى (تي كاس)، لافتاً الى أنه وبموجب ذلك استعادت شركة الخطوط الجوية السودانية عددا من الخطوط المتوقفة عن الرحلات بالخارج لسوء الأداء وعدم وجود طائرات مناسبة، ومن بينها استعادة خط هيثرو الذي كان متوقفاً لعامين قبل مجيئه لإدارة الشركة، وكشف عبد اللطيف للمحكمة بأن مبلغ (60) مليون دولار هو عبارة عن دَين على سودانير لدى وزارة المالية واجب سدادها لاحقاً.
رفض بيوت أعمال
ونوه كمال خلال استجوابه إلى عدم مخاطبتهم وزير المالية في موضوع الخصخصة لافتاً إلى بأن الخصخصة كانت سياسة متبعة في الدولة تقضي الخروج من كافة العمل التجاري وانه في اطار الخصخصة بدأ التفاوض مع المستثمرين في الداخل، وكان اول اجتماع في اغسطس 2004م بغرض الخصخصة بقاعة المصارف، ووجهت فيه الدعوة لعدد (167) من رجال الأعمال السودانيين بواسطة رئيس اتحاد العمل حضر منهم (105) وتمت مخاطبته بواسطة محافظ بنك السودان عبد الوهاب احمد حمزة، وقال بعد (10) أيام انعقد اجتماع آخر ببنك السودان وجهت فيه الدعوة الى مديري البنوك ورؤساء المصارف بحضور مجلس الإدارة، غير انهم جميعاً قدموا اعتذارهم عن المشاركة شفاهةً وكتابةً.
وكشف كمال عبد اللطيف للمحكمة عن عقده (3) اجتماعات مع بيوت الأعمال السودانية ومنهم (أولاد النفيدي، البرير، ابراهيم مالك وأسامة داؤود)، وذكر انه وبعد ذلك اتجهوا لمخاطبة الجهات الخارجية باللغتين العربية والإنجليزية عبر وزارة الخارجية التي بدورها قامت بتعميم الخطاب عبر مستشاريها الاقتصاديين بسفارات البلاد بالخارج لمخاطبة (150) شركة عربية واوروبية وآسيوية للدخول كمساهمين في سودانير ، بجانب مخاطبتهم لـ(14) دولة عبر سيرك شركة سودانير بمكاتبها خارج البلاد، من ابرزها (الامارات / قطر / السعودية / مصر وفرنسا) ، بالاضافة إلى استهدافهم حوالي (11) شركة طيران (كالعربية / والاتحاد / والتركية / واليمنية والماليزية) للدخول في سودانير – إلا ان كل تلك الجهات اعتذرت للدخول كمساهمين في سودانير وفقاً للحصار الاقتصادي المفروض على البلاد وقتها من قبل مجلس الامن القومي وعلى وجه الخصوص شركة (سودانير) باعتبارها من تسببت في حادثة حظرها، لافتاً إلى أن سودانير رفضت عروض بعض تلك الجهات الخارجية عن طريق التمويل وذلك لانه خارج سلطاتهم المتمثلة في خصخصة الشركة فقط، إلى جانب أنه مكلف ويصبح مزيداً من الأعباء على الشركة.
امتعاضٌ
وقال المتهم الثاني كمال عبد اللطيف، للمحكمة إن الحكومة الحالية حاربته ودونت في مواجهته اجراءات هذا البلاغ – في وقت كان يفترض عليها تكريمه بوسام الإنجاز جراء الجهود التي بذلها لاستعادة سودانير زمن الاقلاع والهبوط بمطار هيثرو الدولي، لاسيما وانه يفتخر في مساهمته في استعادة الخط إبان توليه منصب رئيس مجلس ادارة سودانير واعتبره انجازا تاريخيا بحد قوله، مشدداً للمحكمة على انه وافق على تنفيذ اجراءات صارمة فرضتها عليه هيئة سلطات مطارات هيثرو وصفها بالقاسية حتى لا تفقد البلاد زمن الاقلاع والهبوط بها، مؤكدا بانه كان يقضي طوال الرحلتين الأوليين التي سيّرتهما سودانير إلى بريطانيا كل يومي (سبت وثلاثاء) نائماً تحت الطائرة لمتابعة إجراءات سفرها في الوقت المحدد – مما جعل سلطات مطار هيثرو ترى جدية سودانير في استعادة الخط ووافقت على منحها حق الهبوط والإقلاع بمطارها، منوها الى ان لديه شهودا للدفاع يؤكدون (قضاء ليلته تحت الطائرة حتى تقلع في زمنها المحدد) بما فيهم العاملون بسلطة الطيران المدني بمطار الخرطوم الدولي، وشدد على انه وطيلة وجوده بسودانير لم يتوقف خط هيثرو مطلقاً وظل يسيِّر رحلاته بانتظام وانه علم بتوقفه في اكتوبر للعام 2007م اي بعد مرور شهر من مغادرته الشركة.
إعادة أموال
في ذات السياق، كشف عبد اللطيف للمحكمة عن انه وفي فبراير للعام 2008م ورده مظروفٌ من مدير عام شركة سودانير الكابتن المرحوم عبد الله ادريس، وبداخله صك مالي بمبلغ وقدره (22.5) ألف جنيه وتعادل في ذلك الوقت مبلغ (10) آلاف دولار امريكي، وهي عبارة عن حقوقه طيلة عمله رئيساً لمجلس ادارة سودانير، فيما أكد عبد اللطيف للمحكمة بانه قد اعاد الشيك المالي للشركة بموجب خطاب رسمي للشركة، منبهاُ المحكمة بان لديه مستند دفاع يؤكد إعادته المبلغ المالي لسودانير سيقدمه للمحكمة.
في وقت, نفى فيه دخولهم في اي مفاوضات مباشرة مع شركتي عارف وأعيان الكويتيتين، كما نفى ايضاً عدم اجرائه اي عطاء لدخول مساهمين لشركة سودانير – ـمبرراً ذلك بان قانون التصرف في مرافق القطاع العام 1990 لا يلزم بذلك.
خطاب شركة عارف
وقال للمحكمة بأنه وفي فبراير للعام 2006م ورد خطاب معنون لوزير المالية آنذاك الزبير احمد الحسن من المستشار الاقتصادي بسفارة الخرطوم بالكويت وقتها الماحي خلف الله الماحي، يرشح من خلاله دخول شركة عارف الكويتية كمساهم وشريك في سودانير، منوهاً إلى أن الزبير وقتها قام بتحويل الخطاب اليهم كمجلس ادارة شركة سودانير وقاموا بدورهم بإجراء دراسات عن شركة عارف وذلك عبر تشكيل لجنة من أعضاء مجلس الادارة للسفر لدولة الكويت لمرتين على التوالي لجمع معلومات عنها، منبهاً إلى انه اتضح لهم بعدها ان شركة عارف مسجلة لدى سوق الأوراق المالية الكويتي، ومساهماتها في شركة خاصة للطيران بمصر تسمى (لوتز)، ولديها (60) استثمارا بدول اوروبية وعربية وآسيوية.
تقديم واستبعاد شركات
في ذات السياق، كشف كمال عبداللطيف للمحكمة ، عن تقدم (20) شركة اجنبية للدخول في سودانير كمساهمين من بينهما شركتا (عارف واعيان) ، منوها إلى انه وعلى اثر ذلك تم تشكيل لجنة فنية مصغرة من أعضاء مجلس ادارة سودانير لدراسة عروض تلك الشركات وتم استبعاد (18) شركة وذلك لشروطها التي لم تتماش مع عرض سودانير – لا سيما وان بعض تلك الشركات طالبت بإخلاء الشركة بموظفيها واستلامها كمقرات ومبان فقط ، مشدداً على ان اللجنة ابقت على شركتي اعيان وعارف الكويتيتين للدخول في سودانير كشريك مساهم، مبيناً بأن المستشار الاقتصادي لسفارة الخرطوم بالكويت ولأسباب سياسية، أوصى باختيار شركة أعيان، وذلك لان رئيس مجلس ادارتها هو رئيس مجلس الأمة الكويتي الشيخ محمد الخرافي، منبها إلى انه ولاحقاً تم استبعاد شركة اعيان، لعدم وجود استثمارات لها سابقة بالبلاد ، الى جانب اشتراطها قفل باب العروض لثلاثة اشهر بسودانير واداراتها الشركة لوحدها دون الاستعانة باحد، اضافة إلى ان سودانير استبعدت اعيان وذلك لعدم ردها على خطابهم لها لصرفهم النظر عن عرض سودانير.
قبول شركة عارف
في وقت كشف فيه المتهم الثاني كمال عبد اللطيف، في استجوابه للمحكمة عن ترشيح وزير المالية الأسبق المرحوم الزبير احمد الحسن، شركة عارف للدخول في سودانير كشريك مساهم، والموافقة على ذلك لجديتها عبر إرسالها وفدين فنيين لمرتين لزيارة كافة أقسام شركة سودانير والوقوف على احوالها، كما زار سودانير رئيس مجلس ادارة عارف الكويتية د. علي الجبير، اضافة إلى انها الشركة الوحيدة التي ارسلت كابتن طيار علي ديشتي، رئيساً لوفد تفاوضها للدخول في سودانير، فيما نبه الى ان موافقة سودانير بدخول عارف فيها لوجود (4) استثمارات لها في البلاد في قطاعات استراتيجية بالدولة وهي (البترول/ النقل الجوي/ بنك المال المتحد ومشروع مدينة المال والأعمال بغابة السنط الخرطوم)، واكد عبد اللطيف للمحكمة، عن توصيته لوزير المالية وقتها الزبير بالموافقة على دخول عارف كشريك في سودانير، وبدوره وافق الوزير على التوصية، مشددا على ان وزير المالية وقتها طالبه بعدم فرض اي شروط على طالبي الدخول في سودانير كمساهمين قائلاً للمحكمة: (اذا صاحب الكبدة قال ليك اشويها وانا قال لي كدها وانا عملت).
قصة شركة الفيحاء
في الوقت ذاته، قال المتهم الثاني كمال عبد اللطيف للمحكمة بأنه وفي العام 2007م طلبت شركة الفيحاء القابضة الدخول كشريك محلي في سودانير بامتلاكها (21%) من قيمة اسهمها، منبها إلى ان الفيحاء شركة سودانية مسجلة وفقا لقانون الشركات السوداني لسنة 1925م وان مقرها العمارات شارع (15)، في سياق مغاير نبه المتهم كمال المحكمة الى انه وحسب علمه بأن شركة عارف لا تملك مقر في البلاد – وانما يعلم بأن لديها اسهما في شركة الفيحاء، موضحاً بأنه وبعد ذلك عقد اجتماعا تم فيه منح سودانير نسبة (30%) من قيمة أسهم الشركة، و(21%) من الاسهم لفيحاء باعتباره شركة محلية وذلك للحفاظ على الناقل الوطني والتحكم في ادارته، مع منح شركة عارف الكويتية نسبة (49%) من أسهم سودانير، موضحا بأن الفيحاء حصلت على (210) أسهم من قيمة اسهم سودانير البالغة (1000) سهم بمبلغ 12 مليون دولار، منوها إلى ان الفيحاء مثلها في التفاوض مديرها العام المتهم الثالث العبيد فضل المولى، والمرحوم الشريف احمد بدر ، نافياً معرفته بالصفة التي جاء بها الشريف ، في اجتماع الفيحاء بسودانير ، في ذات السياق اكد كمال للمحكمة بان شركتي عارف الكويتية والفيحاء القابضة لديهما حسابان منفصلان ببنك المال المتحد، كما ان عارف لديها حساب مالي ببنك امدرمان الوطني.
تفويض بتوقيع عقد
وقال المتهم الثاني للمحكمة إنه وقع على عقد تنازل شركة الخطوط الجوية السودانية سودانير عن (70%) من اسهما لشركتي عارف الكويتية والفيحاء القابضة ، وذلك بموجب تفويض من وزير المالية آنذاك (الزبير) رئيس اللجنة العليا للتصرف في مرافق القطاع العام، مؤكداً بأن مسؤوليته انتهت بتوقيع اجراءات العقد ولا علاقة له بتحصيل مبالغ قيمة بيع اسهم سودانير التي هي من مسؤولية وزارة المالية التي قامت في مرحلة لاحقة بتحويل ملكية اسهم سودانير لشركتي عارف والفيحاء عبر مسجل عام الشركات واكتمال المستندات حول ذلك ، وشدد عبد اللطيف للمحكمة على ان عقد التنازل عن الاسهم ملزم لاطرافه الثلاثة (سودانير وعارف والفيحاء) ولا يجوز لاي طرف التنازل عن اي سهم أو بيعه لطرف آخر دون موافقة اطراف العقد جميعاً – وان تم ذلك يعتبر باطلاً وعديم الأدب، نافياً للمحكمة تنازل الفيحاء عن اسهمها لعارف.
الخرطوم: اثار كامل – محمد موسي
صحيفة الصيحة