عبد الله مسار يكتب:يصرخون

قامت الثورة في ديسمبر 2018م ورفعت شعار “حرية.. سلام وعدالة”، وهذا الشعار جذّاب وكذلك شعار مكتمل الأركان وكل ما فيه مضمن في مبادئ حقوق الإنسان، بل هو القانون العالمي للبشرية وهذا الشعار ملزم للقائمين على أمر الدولة، وأهم ما فيه الحرية والعدالة، هل فعلاً التزمت حكومة الثورة ولجانها وأجهزتها السياسية بهذا الشعار قولاً وفعلاً أم هو شعار للاستهلاك والاستهبال السياسي، وقطعاً ستحاكم به في محكمة الشعب ومحكمة التاريخ؟

لمّا قامت الإنقاذ في سنواتها الأول، عملت الأفاعيل في المعارضين وصادرت المُمتلكات وفصلت الناس من الخدمة على أساس اللون السياسي، وسكنت عضويتها في الوظائف، وجاءت ببعضهم من الاغتراب، وقتلت الناس في أموالهم (مجدي) واحدٌ من ضحاياها قُتل لماله وهكذا!

ولذلك رغم خلافي الشديد مع لجنة التمكين في عملها وطريقة تكوينها وممارساتها وحتى شعارها تصرخون. ولكن تجدني قليل النقد لها، لأنها تعاملت مع رموز الإنقاذ بمثل تعاملهم في بواكير ثورتهم، إذن العقاب من جنس العمل (والتسوِّي كريت في القرض تلقاه في جلدها)، ومعلومٌ أن الله يمهل ولا يهمل.

ولكن أعتقد أن أمر مكافحة الفساد المالي وحتى السياسي يحتاج لمؤسسات تراعي وتُطبِّق القانون وذلك يحتاج لمفوضية فساد من قُضاة وقانونيين ورجال شرطة ومُحاسبين ومُراجعين قانونيين ضالعين وعدول وأهل خبرة وغير مُسيّسين، لأنهم يجب أن يكونوا شخوصاً عدولاً، ليست بينهم عاطفة أو ميول حزبية. كيف يستقيم أن يُحاكم حزب حزباً مثله، ولذلك أمر مكافحة الفساد، أمر الموقع الطبيعي له مفوضية الفساد، أما قضايا الحريات والمفاسد فيها أيضاً تحتاج لوقفة، لأن الحرية هي أس ضمير الثورة، والحقيقة ما تم من تجاوزات في مظاهرة 30 /6، أعاد البلد الى الدولة البوليسية، وخاصة أن همساً يتحدث عن مشاركة كتائب حزبية قالوا (كتائب حنين التي تتبع لحزب البعث)، وإن صحت الرواية فإننا دخلنا في نفس جحر الإنقاذ، ووضعنا شعار الحرية في المحك وعدنا الى مربع التمكين الأمني ومعاملة الخصوم خارج القانون!

أعتقد أن مجلس الوزراء والمجلس السيادي مطلوب منهما معالجة الخلل القانوني والأخلاقي والإداري في عمل لجنة التمكين، خاصة وأنها تمدّدت حتى صارت هي الدولة وفي ذلك ضررٌ للعاملين فيها ولأحزابهم وللشعب والدولة، ولذلك أعتقد أن اللجنة وقانونها يحتاجان الى الانكماش قدرة جته القانون الذي يعملون به.

عليه أعتقد، إن أس المشكلة أن انتقام الإنقاذ في أيامها الأول مورس على أقطابها الآن، ولكن طالما ننشد دولة ديمقراطية وشعارها العدل والمواطنة والمساواة وحكم القانون، يجب أن نفعل القانون لا الفعل الانتقامي ورد الفعل للممارسات الأولى إبان العهد الأول للإنقاذ.

الدولة المحترمة تنفذ القانون وتلتزم به عملاً وقولاً، طبعاً لو طبقت أجهزة الدولة في الثورة الانتقام لن تسلم منه مستقبلًا، وسيُنفّذ على الذين قاموا به، ولذلك يجب أن يلتزم الكل بشعار الثورة “حرية.. سلام وعدالة”.

ولكن شعار تصرخون هو شعار سياسي جذاب، ولكن لا يصلح شعاراً عدلياً، لأن العدل مكانه التثبت والتروي والحكم بعد البيِّنات. وفوق كل هذا الأمر يتطلب مخافة الله، لأن من خاف الله احترمه حتى خصومه لأنهم لا يتوقعون حيفه، ومن لم يخف الله خشيه خصومه لأنه لا يخاف الله وعند الحق لا تضيع الحقوق.

وهمسة في أُذن د. حمدوك، “المحكمة الدستورية. المحكمة الدستورية. المحكمة الدستورية”، أقمها تكمل بنيان العدل.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version