مزاد النقد الأجنبي والاستقرار

كلام صريح
سمية سيد
نفذ بنك السودان المركزي نحو 10 مزادات للنقد الأجنبي بهدف تنظيم سعر الصرف ،والذي شهد ارتفاعاً غير منظور في السوق الأسود ولامس حدود الـ 500 جنيه.
الغرض من مزادات النقد الأجنبي هو توفير العملة الصعبة لاستيراد السلع عبر القنوات الرسمية ،حتى لا يلجأ المستوردون إلى السوق الموازي.
بالفعل أدى هذا النهج الى استقرار نوعا ما ،إذ ظل سعر الدولار يتراوح ما بين 480 الى 460 لنحو شهر من الآن . بل في أحيان كثيرة كان سعر الدولار من خلال المزاد أقل من السوق السوداء .
منذ يومين لحظنا تحريك بسيط في سعر السوق الأسود ،وهذا مؤشر غير إيجابي بل هو متوقع لعدم توفر احتياطيات من النقد الأجنبي لدى بنك السودان تجعله يأخذ بذمام المبادرة بما يحقق الاستقرار المطلوب .
وهذا يعني بالضرورة أن سياسة المزاد لم تحل المشكلة الأساسية ،المتمثلة في الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب ..شح موارد النقد الأجنبي والحاجة المستمرة لاستخدامات الدولار لن تجعل من مزادات بنك السودان آلية كافية لخلق التوازن ،طالما أن بنك السودان لا يستطيع التدخل في الوقت المناسب بضخ الكميات المطلوبة.
كثير من المصرفيين والخبراء يرون عدم جدوى علان مزاد للنقد الأجنبي طالما أن البنك المركزي يعتمد آلية توحيد سعر الصرف عبر سياسة سعر الصرف المرن المدار. وأن المطلوب هو اتخاذ سياسات محفزة لتوفير النقد الأجنبي وبناء احتياطيات كافية..وأن تترك عملية توفير النقد الأجنبي للبنوك التجارية وفق العلاقة بين البنك والعميل بما تقتضيه اللوائح المنظمة لسياسات النقد الأجنبي التي يعلنها بنك السودان.
مثل هذه الآلية هي التي تمنح البنوك التجارية حرية الحركة، وتمكن من توفير النقد الأجنبي من عدة مصادر، حسب جهود البنك في استحداث الموارد لخلق الاكتفاء وبالتالي يتحقق استقرار طبيعي دون أيما تدخل إداري من البنك المركزي.
برغم تنفيذ عدد كبير من المزادات إلا أن أسعار الدولار لم تشهد انخفاضاً ملموساً.كما أن نشاط السوق الأسود لم يتوقف .
السودان يعاني من شح في موارد النقد الأجنبي لذلك لم نلحظ انخفاضاً بيناً في سعر الدولار بعد تنفيذ عدد من المزادات . كذلك لم يتوقف نشاط السوق الأسود رغم أن أسعاره كانت قريبة جداً من السعر المعلن في المزاد ،وذلك لأن نشاط هذا السوق وإدارته الفاعلة وتحديد آلياته تتم خارج السودان ،بعيداً عن أعين السلطات وتصعب السيطرة عليه.
الإجراءات الأمنية والمطاردات التي تمت لتجار العملة أدت الى التخفيف من ظاهرة المطاردات بصورة محدودة جداً. ولم يكن لها تأثير فعال في القضاء على الظاهرة .وذلك لأن المشكلة الحقيقية تظل قائمة وهي ضعف موارد النقد الأجنبي مع زيادة كبيرة في فاتورة الاستيراد تجاوزت 14 مليار دولار مقابل 4 مليارات دولار لعائد الصادر .
يظل السوق الأسود أكثر نمواً في ظل الوضع الحالي .ويظل الحل في خلق قاعدة إنتاجية قوية . لتوفير محاصيل الصادر . والتركيز على صادرات اللحوم والماشية وهو حل سهل وممكن إذا لجأت إليه الحكومة وفق رؤية واضحة ، وفي تعديل قوانين الاستثمار و تسهيل الإجراءات ،وحل تعقيدات منح الأراضي وخفض الرسوم لجذب مستثمرين ورؤوس أموال ضخمة في قطاعات مهمة وسريعة العائد.
السيطرة على صادرات الذهب من قبل بنك السودان المركزي وهو المورد الذي يمكن أن يأتي بموارد حقيقية وعالية.

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version