د. مرتضى الغالي
أرجو أن يكون الصحفيون الذين يدافعون عن الإنقاذ البائدة قد سمعوا وشاهدوا ما تم بثه في حلقة عن بيوت الأشباح تم تسجيلها مع الأستاذ المحامي قاسم محمد صالح..وهي حلقة تقشعر لها الأبدان.. تم التحضير لها في لندن من إعلاميين ونشطاء متطوعين ونقلتها لنا قناة (سودان بكرة) التي عوّضنا الله بها عن (قنوات الضِرار) ومواخير الجماعة التي يسمونها فضائيات..وعن تكاسل التلفزيون القومي و(تعسّمه)..! فسبحان الله انك لا بد أن تجد للحق ظهيرا..ولا بد للحقائق السواطع ان تجد مسرباً تخرج به للناس كما تطير سحائب (أم بشّار) في مقدَم الخريف.. وتحتشد الدنيا بالبشارة…الله لا كسّب الإنقاذ..!!
هذه الحلقة (والله العظيم) أكثر إيلاماً للنفس من بين جميع ما سمعنا عن فظائع الإنقاذ.. بسبب الرؤية الفاحصة والشرح البليغ من (الضحية قاسم) للمنحدر المريع الذي سقط فيه مشروع الإنقاذ.. وللتوضيح الكاشف عن الفظائع التي لا يمكن أن تصبر على مجرد الاستماع إليها..!! فأنت في حاجة إلى أن تقسر نفسك قسراً على احتمالها من هول ما كان يمارسه هؤلاء الزبانية تجاه أشخاص أبرياء رماهم القدر بين أيديهم..ولأول مرة يضع الأستاذ قاسم الأمر جميعه في بيوت الأشباح في موضعه الصحيح باعتبار أن خطة التعذيب الجهنمي البشع (وهذا أخف وصف) والإذلال المريع والممارسات التي تخطت آخر ما يمكن تصوّر حدوثه من إنسان تجاه إنسان من وحشية تستنكف منها الضباع التي تتسلى بالفرائس..! فقد أبان الرجل أن نهج التعذيب في بيوت الأشباح التي يستفرد فيها الجلادون بضحايا عزلاء هي خطة (مأذونة ومُرادة ومقصودة) من قيادة الحركة الإسلامية الاخوانية الإنقاذية (الفاشية بكامل المعنى) كان القصد منها أن يعلم الضحايا أن هذا آخر عهدهم بحياتهم السابقة..وبأي أمل في النجاة والعودة للحياة الطبيعية.. وكانت الرسالة هي: انسوا أنكم بشر وأنسوا ما كنتم فيه من حياة بين أولادكم وأهليكم.. فقد انفتحت عليكم طاقة من الجحيم.. وأن انقلابهم جاء ليقفل صفحة الحياة الطبيعة ولا سبيل للرحمة والمشاعر البشرية ولا شيء اسمه القانون أو الاختلاف السياسي مع من ترى الحركة الاخونجية أنهم أعداؤها..حتى إذا لم يكونوا كذلك..! إنما كل الآخرين هم أعداؤها (شاءا أم أبوا) وهذه الرسالة ليس اعتباطاً..كما أن ذلك التعذيب لم يكن اعتباطاً أو من تأليف هؤلاء الجلادين الصغار المرضى أصحاب الشذوذ.. فهم (أهون شأناً) ولن يستطيعوا أن يمارسوا ما مارسوه إلا بتعليمات مباشرة (من أعلى)..! وقد وقعت كل هذه الفظائع عندما كانت السُلطة المُطلقة بين يدي حسن الترابي وعلي عثمان وقبل أن تنبت أسنان المخلوع عمر البشير..! فقد كان المخلوع آنذاك (لا يزال مخلوعاً) من وضعه تمويهاً على رأس السلطة بواسطة هذين الرجلين..!!
إذا لم تكن من أصحاب القلوب القوية فلن تستطيع صبراً على سماع ومشاهدة تجربة قاسم الشخصية وما رآه في بيوت الأشباح.. هذه درجة من الأهوال والترويع والانحطاط البشري الذي لا يعرفه عالم ضواري الوحوش في أرذل حالات الاستيحاش..وهي حالة تجعل الإنسان يستدرك ويستعيد كل ما سمعه عن الإنسانية وهو يسمع عن تلاعب الجلادين بالشيوخ والكهول في (تعذيب مجنون) لا منطق له..القصد منه نقل الضحايا إلى حالة من الانهيار النفسي الجسيم وإلى عوالم الذهول..حيث لم يكن القصد مجرد (الإيلام) بل جعل الضحايا في حالة من فقدان المعنى حتى في جدوى الحياة بحيث لا يعرف الضحية مَنْ هو؟ وأين هو؟ وماذا يحدث له..؟ ولماذا..!!
أما تفاصيل التعذيب فهي أكثر رعباً من إعادة روايتها.. ولكن السؤال لصحفيي الاخونجية ووكلاء الفساد: ماذا قلتم عن لجنة إزالة التمكين..؟! (مالها اللجنة)…؟!!..لم أسمعكم جيداً..؟!!
صحيفة السوداني