زهير السراج يكتب : اخذلونا مَرة !
*في الوقت الذي ينشغل فيه الجميع بدءا من رئيس الوزراء بأحداث لا قيمة لها مثل احتفال قاعة الصداقة بمناسبة تدشين الاعلان السياسي الجديد لبعض الاحزاب والفصائل المشاركة في السلطة، يمر حدثان خطيران بلا أدنى انزعاج أو اهتمام، ولم نسمع بوزير أو مدير أو حتى خفير توقف عندهما رغم أهميتهما لاقتصاد البلاد وقطاع كبير من المرضى وذويهم الذين يكابدون المعاناة، ولا يجدون من يسأل عنهم ويخفف معاناتهم !
*الاول، اجهزة علاج الاورام التي تحولت الى كتل من الحديد قابعة في المستشفيات رغم ملايين الدولارات التي انفقت على شرائها، بينما يموت الآلاف!
*لقد أنفق السودان اكثر من 30 مليون دولار امريكي على تلك الأجهزة، ولكن معظمها لا يعمل الان، كما يقول الدكتور (كمال حمد) اختصاصي علاج الاورام والمستشار بوزارة الصحة، مؤكداً ان “الامكانيات موجودة ولكن المفقود هو اهتمام القائمين على الامر”، مضيفا ان “المسألة لا تحتاج للمال بل هو عجز القادرين على التمام”.
*تخيلوا هذه الفضيحة .. “الامكانيات موجودة ولكن الاهتمام مفقود”، هذا حديث مستشار بوزارة الصحة يستطيع الوصول لوزير الصحة في أي وقت والحديث معه، ولكن بعد أن فاض به الكيل من تجاهل المسؤولين خرج متحدثا وشاكيا لأجهزة الاعلام !
*يتحدث الدكتور (كمال حمد) عن معاناة مرضى السرطان وصعوبة الحصول على العلاج حيث تتراوح فترة الانتظار بين ثلاثة إلى خمسة اشهر، بينما يسافر المقتدرون لتلقي العلاج بالخارج بتكلفة عالية جدا، واصفاً الاوضاع في المستشفيات بالمتردية والاعطال المستمرة للماكينات بسبب الضغط الشديد عليها!
*توجد في مستشفى الذرة بالخرطوم ماكنتان تعملان من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الحادية عشر مساءاً، وماكينتان متعطلتان، وهناك ماكينة جديدة يجرى العمل في تركيبها منذ وقت طويل، وفى مستشفى ود مدنى توجد ماكنتان الا ان قائمة الانتظار طويلة جدا، وتوجد ماكينتان حديثتان غاليتا الثمن تم تركيبهما قبل اكثر من عامين بمستشفى الأمل بالخرطوم بحرى ولكن لم تعمل حتى الآن، وكذا الحال بمستشفى شندي الذي توجد به ماكينة تم تركيبها قبل ثماني سنوات ولم تعمل ايضا حتى اليوم، “أما عن قسم الاورام بمستشفى الضمان بمدينة مروى الذي أنشئ اساساً لتوطين العلاج بالداخل “فحدث ولا حرج”، حيث توجد به أحدث ماكينات العلاج بالأشعة وماكينات اخرى كلفت حوالي ستة ملايين يورو، لا تعمل الان بسبب عطل أجهزة التكييف منذ تسعة أشهر ولم يتم اصلاحها حتى الآن” .. بالله عليكم هل هنالك سفه وعبث اكثر من ذلك، القسم متوقف منذ ما يقرب من عام بسبب عطل في اجهزة التكييف؟!
*الحدث الثاني، تعرض شحنات الصمغ العربي المعدة للتصدير الى السرقة بطريقة منظمة ومستمرة، ووصولها ناقصة الى الدول المستوردة، حسب إفادة الشركات الخارجية، وقال احد المصدرين لموقع (باج نيوز) ان هنالك جهات تقوم بفتح الشحنات بعد اكتمال إجراءات الجمارك، وسرقة كميات كبيرة منها، وإعادة اغلاقها مرة أخرى، ولقد وصلتهم احتجاجات وانذارات من الشركات المستوردة بوقف التعامل مع السودان، الامر الذى قد يدمر حركة الصادرات وسمعة البلاد في مجال حيوي ومهم جدا للاقتصاد السوداني مثل الصمغ العربي!
*تخيلوا .. اجهزة طبية بملايين الدولارات متوقفة عن العمل لعدم الاهتمام ، وتلاعب وسرقات مستمرة لشحنات الصمغ العربي المعدة للتصدير بعد اكتمال اجراءات الجمارك، بدون ان يهتم او يسأل أحد، ولكن ما الغرابة في ذلك، فكل الوقت والجهد للمبادرات والاعلانات والالاعيب السياسية والاحتفالات والاصابع المرفوعة في الهواء ..أرجوكم أخذلونا مرة واحدة فقط!
صحيفة الجريدة