كثائر كلما اختلطت عليك الامور، وغامت أمام ناظريك الدروب، فسل نفسك هذا السؤال: لماذا شاركت في ثورة ديسمبر؟
سيساعدك هذا السؤال على ترتيب نفسك واعادتها الى صراط الثورة المستقيم، سيعيد الى داخلك أهدافك التي شاركت من أجلها في الثورة، ويرسم أمام عينيك شكل السودان الذي تريد.
سيجعلك هذا السؤال قادرا على اكتشاف الحقائق ومعرفة كم عدد اهدافك التي تم تنفيذها بواسطة حكومة الثورة وكم عدد الأهداف التي تنتظر التنفيذ.
إجابات الثوار على سؤال لماذا شاركت في الثورة؟ ستكون متنوعة ومختلفة، وهذا طبيعي، فاختلاف الناس يعني اختلاف أهدافهم، وهذا في حد ذاته عامل مهم، كون ان الثورة واحدة ولكنها جمعت أهداف وأحلام الملايين، هذه الأهداف والأحلام المتنوعة يجب أن ترصد من قبل المؤسسات الحكومية وان يعمل على تنفيذها، فهي تمثل الهدف الحقيقي من الثورة.
لذلك انا هنا أدعو إلى تصميم استبيان/استفتاء وطني قومي يستهدف جميع المواطنين هدفه تجميع إجابات المواطنين حول سؤال: لماذا شاركت في الثورة/ ما هي أهدافك من هذه المشاركة؟
هذا الاستبيان يجب أن تقوم به مؤسسة بحثية رائدة كجامعة الخرطوم او جامعة الجزيرة، وأن يتم استخلاص الأهداف العليا المستهدفة من قبل الأغلبية الكاسحة من الجماهير التي شاركت في الثورة، ومن ثم استخلاص برنامج وطني ثوري شامل بناءا على النتائج.
فائدة هذا الاستبيان/الاستفتاء انه سوف يتخطى الفرضية الحالية التي تدار عبرها الدولة، فالدولة الآن تدار بواسطة نخب وعسكر يفترضون انهم يعلمون لماذا ثار الشعب، وهذه معضلة. لأن النخب والعسكر افترضوا نفس هذا الافتراض بعد ثورة أكتوبر ثم بعد ثورة أبريل ولكنهم لم ينجحوا في إرضاء الجماهير والدليل ان الشمولية عادت مجددا ولم يعترض عليها الشعب، لو شعر الشعب بأن أهدافه تحققت من الثورة، لو شعر بانه شريك في السلطة، لما استسلم للانقلاب. الآن اذا شعر الناس بأن أهدافهم التي ثاروا من أجلها لم تتحقق، فهم لن يدافعوا عن النظام الانتقالي في وجه الانقلابات.
قد ترفض بعض نخب السلطة الإقرار بضرورة هذا الاستفتاء/الاستبيان ، رغم أنه أسلوب علمي لمعرفة الآراء والتوجهات، لذلك دعونا نساعدهم ببعض الأسئلة التي قد تناقش داخلهم فرضية سيطرتهم على السلطة بلا انتخاب، ورفضهم مع ذلك استفتاء رأي الجماهير في أمر سلطتهم التي جاءوا بها بتضحيات عظيمة. الأسئلة نفسها تصلح لتكون مثار نقاش كذلك بين الثوار.
هل النخب الموجودين في السلطة يعلمون لماذا ثار الناس في هذه الثورة؟ وماهي أهداف الجماهير المختلفة؟
هل تتبعوا الآراء والأهداف والافكار؟ بأي كيفية؟
اذا افترضوا انهم يعلمون ما يريده الناس من الثورة بدون الاستماع إلى اراءهم، الا يفرضون انفسهم بهذا التصرف أوصياء على الجماهير؟
لماذا لا يتركون للجماهير الفرصة لكي يعبروا عن أهدافهم المطلوبة من الثورة ومن ثم ينفذونها؟
كيف يعبر الجماهير وهم كثر عن اهدافهم؟
هل يجب الوصول إلى كل شخص شارك في الثورة لسماع رايه؟ وهل هذا عملي؟
هل يجب الوصول إلى أشخاص ممثلين لهؤلاء الاشخاص؟ ولكن الا يحتمل ان لا يعبر هؤلاء الممثلين بالضبط عن أهداف من يمثلونهم؟
كيف يحل هذا الاشكال، لكي نصل إلى الأهداف الشعبية الحقيقية من الثورة ومن ثم العمل على تنفيذها؟
هل هناك طريقة أفضل من الاستبيان او الاستفتاء؟
الا يمثل الاستفتاء في حد نفسه قيمة مشاركة جماهيرية جديدة في الممارسة السياسية تسمح للجميع شبابا وشيابا، رجالا ونساءا ان يشاركوا في صناعة القرار السياسي كما شاركوا في الثورة؟
ناقش هذه الأسئلة بينك وبين نفسك سواء كنت قياديا او ثائرا عاديا، فقد تفتح امامك بعض الأبواب المغلقة للوصول إلى تحقيق أهداف ثورة ديسمبر.
صحيفة التحرير