من يدفع كهرباء المدارس؟

[JUSTIFY]
من يدفع كهرباء المدارس؟

ومن حكايات الخرطوم المؤلمة أن مدرسة ما (للأساس) دونت بلاغاً ضد تلميذتيها الشقيقتين القاصرتين (ولاء ووئام) تسع وثماني سنوات، بسبب ﺗﺼﺮﻳﺤﻬﻤﺎ لبرنامج ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ الذي تبثه فضائية ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ﺑﺄﻥ مدرستهما دأبت على ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺭﺳﻮم ﺷﻬﺮﻳﺔ من تلميذاتها لدفع فاتورة ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ، وكادت إدراة المدرسة أن تذهب بهما إلى المحكمة، لولا تدخل ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ الذي ﻭﺟﻪ ﺑﺸﻄﺐ البلاغ، ويا ليته لم يفعل حتى يتبين الغي من الرشد.
والرشد هو أن إدارات جل مدارس الأساس إن لم تكن كلها دأبت على تحصيل (ربط شهري) من التلاميذ تحت اسم (فاتورة الكهرباء)، وهذا ما وجب التنويه إليه والتشديد على صحته، وشخصياً أعلم ذلك وأعرفه جيداً و(أدفع أيضاً)، بدون إيصال مالي، فإدارات تلك المدارس تقول لنا كأولياء أمور أن الحكومة لا تخصص ميزانية لفاتورتي الماء والكهرباء، لذلك فإما أن تدفعوا أو سيموت أبناؤكم من الحر والعطش، ولأننا لا نريد أن نقتل أبناءنا خشية (مبلغ شهري) ندفعه عن يد ونحن صاغرون فإننا في الغالب نستجيب. فماذا تفعل المدارس بعد أن نفضت عنها الحكومة يدها و(قالت ليها اتصرفي).
لكن بحق السماء، ماذا كانت تريد أن تقول لنا إدارة تلك المدرسة التي دونت بلاغاً ضد التلميذتين؟ ما هي الرسالة (التربوية والحقوقية) التي كانت تريد إيصالها للمجتمع؟ هل كانت تريد أن تقول إنها لا تحصل رسوماً كهذي. هل الطفلتان كذبتا بهذا الصدد؟ وحتى لو فعلتا فهل من اللائق تربوياً أﻥ تدون ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺑﻼﻏﺎ ﻓﻰ ﺗﻠﻤﻴﺬﺍﺗﻬﺎ لأنهما أدلتا بمعلومة (ليست سرّية) أو جاهرتا برأي، ويا لها من مدرسة (قليلة) العلاقة بالتربية، قليلة الفهم والإدراك لواجباتها، ويا لهول ما فعلت!
لن ندفع فاتورة كهرباء بعد اليوم لأي مدرسة خاصة أو حكومية، فطالما أن الوزارة تقول إن التعليم مجاني، وإدارات المدارس تحصل رسوماً دون إيصال صادر عن وزارة المالية، وبالتالي لا أحد يستطيع معرفة المبلغ (الكهربائي والمائي) المُتحصل، ما يعد مدخلاً للعبث المالي والفساد، وطالما أن إدارة التعليم صرحت بأن هنالك بالفعل رسوم كهرباء يدفعها التلاميذ (أولياء أمورهم)، لكنها اختيارية لا إجبارية (يعني يتبرع بها) من يستطيع دون أن تترتب أي عقوبة على من لا يستطيع، فإن على إدارات المدارس أن لا تعد هذه الرسوم إجبارية وإلاّ فإنها ستُساق إلى القانون كما (تسوق)، كما أنه ليس من حقها تكميم أفواه التلاميذ عندما يتحدثون على بعض الأمور التي تحدث في المدارس حتى لا تهزم العملية التربوية نفسها وتصيبها في مقتل كما فعلت المدرسة سالفة الإشارة.
لن تستطيع المدارس إجبار (أولياء الأمور) على دفع تكاليف الكهرباء والماء، ومن أراد أن يتبرع فأجره عند الله ومن أراد أن يتحدث فليتحدث، طالما أن الأمر مُعلن ويُأخذ على أنه (تبرع)، فلا سبيل لإنكار أن من يدفع هذه الفواتير الخدمية هم أولياء أمور التلاميذ، فلماذا يعاقب أبناؤهم ويجرجرون إلى المحاكم إذا قالوا الحقيقة، هل تريد هذه المدرسة أن تعلم تلميذاتها الكذب، والجبن، وانكار الحقيقة، و شهادة الزور.
إذن، هذه (إدارة) ينبغي أن لا تمكث دقيقة واحده، على الوزارة أن تقيلها فوراً، ليس لأنها تحصل رسوم كهرباء، لكن لأنها تمضي بتلميذاتها إلى طريق غير قويم وغير رشيد، أقيلوا هذه الإدارة، حتى نقضي على مثل هذا الغي التربوي.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version