كنت بصدد تناول الارتباك الذي شهده تعيين مدير جديد لهيئة الموانيء البحرية.. حتى أنني كنت قد اتصلت بمسئول بارز بوزراة النقل أسأله عن الآليات المتبعة في اختيار القيادات العليا بالوزارة.. وقد كان الرجل حفيا وشفافا.. قدم لي إفادات مهمة.. ولكن المدير القديم لذات الهيئة ابى إلا أن يعيدنا لمرحلة ما قبل تعيين المدير الجديد عبر تصريحات اكثر إرباكا.. أبرزتها الزميلة اليوم التالي في عددها الصادر أمس.. ومصدر الإرباك أو المدهش في حديث السيد اونور محمد آدم سلطان أنه وبعد أن بقي في منصبه لما يقارب العامين اكتشف فجأة.. وفقا للصحيفة أن.. (كل الذين يديرون البلد اليوم ناشطون سياسيون).. ولو أن السيد اونور كان قد أطلق عبارته هذه قبل إعفائه وانصرف لحاله.. لحصد الاحترام.. وربما هلل له البعض وكبر..!
لم يكتف السيد أونور بعبارته المفخخة هذه والمعممة.. ولكنه ذهب للتخصيص وهو يقول للصحيفة.. (نحن في دولة لا يمكن أن تأتي فيها بوزير كان مخزنجياً ولم يشتغل في درجة وظيفية).. ومهما اجتهد السيد اونور في التفسير والتبرير.. فلن يفهم الناس غير أنه يعني وزير النقل.. ويبدو أن الصحيفة نفسها قد استمرأت استسهال التصريحات عند المدير المقال.. والمغبون فيما يبدو.. فسألته سؤالا مباشرا.. ماذا عن وزير النقل؟ فجاء رد السيد اونور بالنص.. (الوزير ميرغني كان يعمل مهندس ورشة).. ثم يضيف السيد اونور.. (والوزير لابد أن يكون قد وصل للدرجة الثانية في الحكومة المدنية أقلها ولابد من التخصصية)..!
سيكون مؤسفا إن كان المدير السابق للموانيء البحرية يقلل من شأن المخزنجية.. وهو الذي كان على رأس هيئة.. يلعب فيها المخزنجية دورا مؤثرا.. اعتقد أن المسمى الرسمي للوظيفة أمناء مخازن.. اليسوا هم المؤتمنون على صادرات وواردات البلاد..؟ ثم كل ما يخص الهيئة نفسها من عتاد وآليات.. فهل كان يتعامل معهم بذات الازدراء..؟! كنت بصدد السؤال عن اسباب إقالة المدير السابق.. ولكني صرفت النظر الآن..؟
ثم وعطفا على ذات النهج لا يرى المدير المقال في وزير النقل.. إلا مجرد (مهندس ورشة).. ثم يضيف (والوزير لابد أن يكون قد وصل للدرجة الثانية في الحكومة المدنية أقلها ولابد من التخصصية)..! ولو كنت مكان الصحيفة لسألته.. لماذا الدرجة الثانية يا سيادة المدير..؟ الا تكفي الدرجة الثالثة مثلا..؟ ثم نسأل بدورنا السيد اونور.. ألا يتفق معنا أن منصب الوزير منصب سياسي بالدرجة الأولى..؟ ثم اليس معيار نجاح الوزير السياسي أن يشكل من حوله فريقا متخصصا من المستشارين والخبراء والتنفيذيين..؟ لا علم لي بما يدور في وزارة النقل.. ولا صلة لي بالوزير.. ولكن من يعرفون.. نقلوا لي أن هذا الوزير يفعل ذلك.. وهذا سبب النجاحات التي ظلت تحققها معظم هيئات وزارته.. فإن كان السيد اونور يرى غير ذلك.. فهو يدين نفسه قبل أن يدين الوزير..!
ولكن تفنيد نظريات السيد اونور في معايير اختيار شاغلي المناصب الدستورية يأتي بطريقة ايسر من ذلك بكثير.. بل ومن محيط قريب منه جدا.. فإن كان السيد اونور يعيب على وزير النقل أنه كان مهندس ورشة.. فقد نسي سيادته.. ولن نقول لم يسمع.. بالسيد ليش فاليسا العامل في حوض بناء السفن ببولندا.. والذي حمله صندوق الانتخابات الى رئاسة بلاده..! شايف كيف يا سيادتك..؟؟!!!
محمد لطيف
صحيفة السوداني