(1 )
عندما اكتملت تعيينات الهياكل الادارية في مشروع الجزيرة بتعيين المحافظ ورئيس واعضاء مجلس الادارة وفي الولاية تم تعيين الوالي كتبت في هذا المكان مرحبا بهم وقلت إنها فرصة للنهوض بالمشروع طالما انه سيستلم زمام امره مزارعون ابناء مزارعين و(صرتهم مدفونة في الشلابي) وهذا لا يقلل من قيمة ابناء الوطن من الاقاليم الاخرى والذي خدموا الجزيرة بكل تجرد واخلاص وناشدتهم بحكم غيابهم عن العمل في الجزيرة أن يقرأوا الواقع جيدا فهناك متغيرات كثيرة فرضتها طبيعة صيرورة الحياة فعليهم أن يبنوا على جيدها وينفوا خبثها وكان خوفي من الافكار المعلبة والاحتكام للأبعاد الايدولوجية وخلط الزراعة بالسياسة ولكن يبدو أن السادة المسؤولين لديهم رأي آخر وقد ظهر لنا هذا في مسودة قانون الجزيرة المطروحة الآن والتي صيغت بليل ولم يطلع عليها الكثيرون وسنعود لهذا الامر اذا امد الله في الآجال.
(2 )
ادارة مشروع الجزيرة الحالية وجدت أن الدولة قد خرجت نهائيا من الشراكة في التمويل الزراعي وإن علاقات الانتاج في المشروع اصبحت تتسيدها الزراعة التعاقدية وفي طفرة اخرى أن المزارع قد اصبح يمول نفسه من مدخراته او من البنك بصفته الشخصية فبدلا من أن تثمن الادارة هذه التطورات الايجابية وتعمل على تطويرها كإدخال نظام المزارعة وتنصرف لمهام اخرى كتطوير منظومة الري وتطوير البنيات التحتية و تشجيع الصناعات التحويلية و انشاء هيئات تسويقية لتصل منتجات المشروع لكل العالم رأت أن تعود القهقهري الى نقطة الصفر وتدخل هي الاخرى في زراعة تعاقدية مع المزارعين وذلك باستجلاب اموال من وزارة المالية للتمويل فقررت زراعة خمسين الف فدان في هذا الموسم ووزارة المالية بكرمها الحاتمي ودون أن تتقصى عن الواقع راحت موافقة.
(3 )
اها حتى اليوم لم تستطع الادارة الموقرة زراعة الخمسين الف فدان ولن تستطع وياريت تتكرم علينا بالمساحة التي زرعتها (ولا حمدو في بطنو؟) وحتى التي زرعتها لم تف بتوفير المدخلات في وقتها من تقاوى ومخصبات ولعل الاسوأ انها صاغت عقدا مع المزارع (يخجل عديل كدا ) عقودات الشركات الخاصة ارحم منه بمليون مرة مظهرا ومخبرا. طبعا زمااااان لما كان التمويل بجي من الحكومة ما فيهو عقودات ولا غيره فلا ندري (شن جد على المخدة ؟ قطن جديد ولا تنجيد ؟) ومن عجائب الوضع المستجد أن الادارة لم تقم باستيراد المدخلات فهجمت على السماد الموجود في الاسواق فارتفع سعر الجوال من 15 الف جنيه الى 20 الف ومازال الارتفاع جاريا (وانا ما بجيب سيرة المحفظة) عشان تعرفوا القطاع العام بيعمل شنو لما يعكس عقارب الساعة ويرجع ورا ورا.
(4 )
إن رجوع الدولة ممثلة في ادارة المشروع للتمويل الزراعي مع ضعف امكانيات الدولة بالاضافة لما صدر من بعض اعضاء لجنة التسيير المعينة يشي بأن النية قد بيتت لمحاربة الزراعة التعاقدية مع القطاع الخاص. وطبعا في مقدور الادارة والحكومة طرد القطاع الخاص وانهاء الزراعة التعاقدية معه بكل سهولة فالادارة ممسكة بالقلم والحكومة ممسكة بالقلم فالادارة يمكنها كعبلة اداء الشركات بقرارات ادارية مشوشة والحكومة في يدها خزانات المياه وطبعا رأس المال الخاص جبان ويمكن في موسم واحد أن تختفي هذه الشركات وتنتهي معها تجربة الزراعة التعاقدية وفي نفس الوقت لن تنجح الدولة في ارجاع المزراع لعهود الاذعان والسمع والطاعة بعد أن تذوق حرية الارادة وسيكون الخاسر في النهاية هو الوطن.
عبد اللطيف البوني
صحيفة السوداني