شمائل النور
تفاجأ سكان منطقة سوبا، جنوب الخرطوم بأصوات الذخيرة تدوي فوق رؤوسهم نهار أمس ووسط حالة من الذعر، اتضح أن منسوبي بعض الحركات الموقعة على اتفاق جوبا والمقيمين في مجمع يتبع للشرطة هناك رفضوا إخلاء الموقع حتى وصلت قوة مشتركة وتبادل معهم إطلاق النار لإخلاء المجمع.
بمعنى أدق… هو أشبه بخلاف مدني بين مالك عقار ومستأجر او مستفيد، لكنه تحول لمعركة سلاح واستعراض قوة، لأن المستأجر جهة مسلحة..
ما حدث أمس هو جرس إنذار مهم لإنجاز الترتيبات الأمنية التي تعثرت كثيراً وتأخرت.
في أعقاب التوقيع على اتفاق سلام جوبا، أكتوبر الماضي وبدء تدفق قوات الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاق تناقلت الأخبار حوادث مختلفة الفاعل الرئيسي فيها منسوبو بعض هذه الحركات.
وفي دارفور تحديداً وقعت عدد من الحوادث، الفاعل الرئيسي فيها منسوبو الحركات، تارة تعتقل صحفياً وتارة تعتقل ضابط شرطة، وجميع هذه الحوادث هي في محصلتها رفض منسوبي الحركات الانصياع للقانون.
هذه الحوادث خطيرة وخطورتها في أن لا مؤسسات دولة قادرة على كبحها، والكابح الوحيد هو قوة السلاح، مما يعني أن احتمال استمراريتها واتساع رقعتها وارد، وفعلياً بدأت تقترب من دائرة الحكومة المركزية، اليوم سوبا وغدا الشجرة ثم القصر.
كان ينبغي أن تثير هذه الحوادث منذ نشوئها بعد اتفاق جوبا اهتمام أعلى قيادة الحكومة، لكن تُقابل الحكومة مثل هذه الحوادث بدرجة عالية جداً من اللامبالاة التي تصل حد البلاهة.
قضية الترتيبات الأمنية متعثرة، والطرفان؛ الحركات والحكومة ممثلة في المكون العسكري، يتبادلان الاتهامات، والاتهامات هذه لا تخرج عن الندوات أو الأحاديث الصحفية والإعلامية.
التعامل مع جيوش متعددة منتشرة داخل المدن لا ينبغي أن يخضع إلى أي نوع من المجاملات السياسية والاجتماعية، هذا أمن الناس وإن فقدوه فُقدت الحياة.
مسألة الدمج وإعادة التأهيل ينبغي أن تكون أولوية ولا يُعلى عليها بأي حال، وإلا فإن اتفاق سلام جوبا سيتحول إلى اتفاق حرب أسوأ مما كان عليه الوضع في السابق.
على وجه السرعة مطلوب ان ترفع الحكومة قرني استشعارها بخطورة وجود هذه الجيوش بلا وضعية محددة، مفهومة ومضبوطة، ومن المهم النظر إلى وضع قوات الدعم السريع بهذه الدرجة من الاستقلالية، وهذا وضع يُغري بتمرد كل الحركات على الدمج لطالما أصبح السلاح هو مصدر القوة الوحيد؛ ولا صوت بات يعلو فوق صوته.
صحيفة اليوم التالي