يوسف السندي يكتب (البل) عبر صناديق الانتخابات

في ظل تردي الوضع المعيشي وانعدام الحلول، فإن ذهاب الحكومة الانتقالية إلى الانتخابات سيؤدي إلى خسارة أحزاب الحكومة/ أحزاب قحت للانتخابات، بحسبان ان الجماهير ستعاقبها بعدم التصويت لها نتيجة لفشلها في إدارة الفترة الانتقالية، لذلك نجاح الحكومة الانتقالية بالنسبة لأحزاب قحت ليس هدف عادي وانما مسألة مصير ووجود ومستقبل، لا يجب أن تتهاون أحزاب قحت ازاء هذا الأمر، بل يجب ان تعمل جاهدة على تجويد عملها وتقوية التنسيق بينها من أجل زيادة فرصها في النجاح برضا الجماهير عبر نجاح الحكومة الانتقالية.

كان السودان في السابق دولة تقليدية واحزابه السياسية أحزاب تقليدية، تدين عضويتها لها بالولاء الثابت بغض النظر عن نجاحها او فشلها، ولكن الواقع يتغير، الأجيال الجديدة لها حسابات قد تختلف عن ما سبقها، رغم أن هذه مازالت فرضية لم يتم اختبارها بعد، الا انها فرضية جديرة بالاهتمام من قبل الأحزاب السياسية في تخطيطها المستقبلي، ويجدر بالأحزاب الجماهيرية العريقة كحزب الامة القومي ان تضع هذا الامر في الحسبان، وتعمل بكل طاقتها من أجل الدفع بالحكومة الانتقالية نحو النجاح لتفادي سيناريوهات التغيير الخفي في الجماهير.

تعاني الحكومة الانتقالية من عبء كبير موروث من النظام الشمولي، كما يفتقد السودان أعمدة أساسية في الأحزاب السياسية ظلت موجودة لفترة قاربت النصف قرن ورحلت، وهم السيد الصادق والدكتور الترابي والأستاذ نقد، وكذلك الحالة الصحية للسيد محمد عثمان الميرغني، لذلك هنالك حالة من اليتم في الأحزاب المذكورة، جعلتها أقل عطاءا وأضعف استجابة لمهام الحكومة الانتقالية وخاصة في جانب التنظير وبناء الموجهات الفكرية للحكومة، لذلك يشاهد الجميع ولأكثر من عامين حكومة بلا برنامج واضح وبلا خطط واضحة، وشهد الجميع ان الأفكار التي طرحها الإمام الراحل ظلت دوما مرجعية، يذهب الناس ويعودون إليها في النهاية، وهذا هو الجانب المفقود في حكومة قحت، جانب القيادة الحكيمة المتمرسة والمجربة، وهو فقدان يجب أن تعالجه قحت بالتنسيق المشترك المستمر بين احزابها وليس بالتباعد، بالهارموني بين الجميع وليس بالالحان الفردية النشاذ.

لا يقتصر الأثر على الأحزاب السياسية الحاكمة بل يمتد كذلك إلى الحركات المسلحة، اذا لم تساهم الحركات بصورة ملموسة في تحسين حياة الناس في دارفور فإن تحولها إلى أحزاب سياسية جديدة في الساحة سيواجه برفض جماهيري، وستعاقبها الجماهير عبر إسقاطها في الانتخابات.

بما إن الحركات المسلحة معظمها حركات جهوية ومناطقية، فمستقبل تحولها لأحزاب سياسية ناجحة على مستوى الوطن رهين بمدى نجاحها خلال الفترة الانتقالية في تحقيق احلام الجماهير، وهو ما يتطلب في النهاية نجاح حكومة الانتقالية برمتها.

نجاح الحكومة الانتقالية هو بوابة أحزاب قحت وحركات دارفور للنجاح في الانتخابات القادمة، أما فشل الحكومة الانتقالية فيعني ان تستعد هذه الأحزاب والحركات (للبل) من قبل الشعب في صناديق الانتخابات.

صحيفة السوداني

Exit mobile version