)١(
• في نوفمبر ١٩٨٥م قدمت القوى السياسية وثيقة ميثاق حماية الديمقراطية والتي وقع عليها ١٧ كياناً سياسياً ومدنياً توزع بين أحزاب سياسية وتجمعات نقابية ولجان ومنظمات؛ ووقع عن القوات المسلحة اللِّواء أ. ح. إبراهيم يوسف.
• بينما لم توقع عليه الجبهة الإسلامية القومية؛ والتي كانت تضمر شراً بالديمقراطية ونظام حكمها؛ وفي يونيو ١٩٨٩م قامت بانقلاب عسكري على النظام الديمقراطي المنتخب وقوّضت حكمه.
• تقول الفقرات الأولى في وثيقة حماية الديمقراطية
أولاً: إنَّ الدِّيمقراطيَّة القائمة على تعدد الأحزاب والسيادة الشعبيَّة واستقلال القضاء وسيادة حكم القانون وحقوق الإنسان هو النهج الوحيد الذي نرتضيه أساساً للحكم، وهي النظام الذي يحقق كرامة الإنسان ويحفظ حقوقه في المشاركة والحرية والعدل والحقوق التي كفلها له الله ولا يجوز لأحد، كائناً من كان، أن يسلبه إياها.
ثانياً: نرفض رفضاً مطلقاً أي توجه أو موقف يهدف إلى إقامة دكتاتوريَّة عسكريَّة أو مدنيَّة أو يهدف لإجهاض النظام الدِّيمقراطي مهما كانت المبرِّرات.
• تذكرت هذه الوثيقة وأنا أنظر إلى تباكي الإسلاميين على الديمقراطية في تونس والتي كانوا يسيطرون على برلمانها، حتى جمد الرئيس المنتخب قيس سعيد أعماله ورفع الحصانة عن نوابه تمهيداً لتقديمهم إلى محاكمة.
• ذات الإسلاميين الذين تباكوا على ديمقراطية تونس؛ هللوا وكبَّروا لدخول مسلحي طالبان إلى كابل وفرحوا بإسقاط نظام حكمها المدني الديمقراطي.
• التجربة تثبت كل يوم أنه ليس للإسلاميين عهود ومواثيق، ولا يعترفون بالديمقراطية إلا حين تأتي بهم؛ وإلا يسعون لتقويضها بأية وسيلة ممكنة.
)٢(
• الطبيعة البنيوية للأزمة السياسية في السودان وتأرجح ميزان القوى السياسية في الفترات الانتقالية، وهشاشة الترتيبات الدستورية ساهمت مع عوامل أخرى في فشل ثلاث فترات انتقالية في السودان.
• بعد انقلاب الجبهة الإسلامية في ١٩٨٩م استطاع رأس المال الإسلامي الإقليمي أن يخترق أجهزة الدولة ويتحكم في مفاصلها مؤذناً ببداية حكم كومبرادورية جديدة كما يذهب إلى ذلك د.عطا البطحاني.
• وعقب ثلاثة عقود من الحكم نجد أن الاقتصاد السوداني فقد قاعدته الإنتاجية (الزراعة-الصناعة) وأصبح يعتمد بشكل أكبر على قطاعات التعدين والخدمات، لأنها من القطاعات التي يسهل العمل والاستثمار فيها لرأس المال الخارجي/ الإسلامي.
• هذا الخراب الممنهج للاقتصاد، إضافة إلى ضعف الأطر والقدرات المؤسسية وتفاقم مشكلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، يجعل من مهمة الانتقال الديمقراطي صعبة، لكن ليست مستحيلة إذا توفرت الإرادة السياسية.
(٣)
•الفرصة مواتية الآن لتجنُّب مآلات الفترات السابقة؛ ومن لا يستفيد من أخطائه ومن قراءة كتب التاريخ لن يغيّر مستقبله من العَوْد الأبدي.
• الكثير من العمل على أصعدة مختلفة، من الحكومة والقوى السياسية وكافة هيئات ومؤسسات السلطة الانتقالية، سيكفينا شرور استعادة وتكرار الأزمات والأخطاء.
صحيفة السوداني