(١) اعلنت لجنة التمكين عن تلاعب في ٩٠ حساباً مصرفياً، بينما وجه بنك السودان وبناء على توصية لجنة التمكين بتجميد ١٦٣ حساباً مصرفياً وبررت اللجنة قرارها بحركة الأموال والسحب..واشارت إلى أرقام قالت (إنها ضخمة)..
ودعونا نتفق على الآتي :
اولاً : هناك مؤسسات دولة قائمة وجهات ذات خبرة (البنك المركزي) ولديها آليات وادوات لمعرفة حركة الأموال والسحب والإيداع..
وثانياً: هناك قوانين مختصة بهذه الظواهر (غسيل الأموال) وآخرها قانون مكافحة غسيل الأموال والإرهاب للعام ٢٠١٤م وهو شديد الإحكام والصرامة..
وثالثاً: إن قضية الأموال وحركتها والسحب وغسيل الأموال، شديدة الحساسية، وواحدة من أساليب المعايرة دولياً، وتهتم بها الدول وانشئت لها آليات مراقبة حازمة، وقد نال السودان موقعاَ متقدماً في مكافحة هذه الظاهرة، وأي حديث عن وجود خلل ما، مردوده المالي سالب على السودان وعلى الحكومة..
ورابعاً: ولأغراض بث الطمأنينة، وتحقيق الأمان، فإن مصادرة الأموال وتجميد الحسابات يمر من خلال سلسلة طويلة من الإجراءات، فأهم شروط الإستثمار هو الأمان وسيادة القانون، ولذلك تم إحاطة الحسابات بالسرية والضبط القانوني، وإستسهال التجميد أو كشف الحسابات أمر خطير ومعيب بكل المقاييس، وينبغي ان يتم من خلال القضاء حتى لو اقتضي الأمر (دائرة قضائية خاصة)..
وخامسا: إن تجميد الأموال والحسابات سيؤدي لمزيد من الإضعاف للمصارف، لقد ارتفعت الإيداعات عام ٢٠١٩م إلى ما يقرب ١٢٪ وبالتأكيد فإن إجراءات التضييق ستؤدي للعزوف عن البنوك، وهي تعاني كثيراً من ضعف راس المال ومن الأموال خارج الجهاز المصرفي..
وسادساَ: ومع حالة التضخم الراهن وضعف القوة الشرائية فإن هذه الأرقام لا تساوي الكثير مقارنة بالعملة الأجنبية (عشرة مليون دولار =٤٤٠٠٠٠٠٠٠٠ جنيه(الراهن) وممكن نقول ٤ تريليون و٤٠٠ مليار جنيه بالقديم )، وهذا رقم ضعيف لأي مستثمر أو رجل أعمال..
(٢)
ان اول ركائز الدولة هو قيام المؤسسات، ومباشرة اجهزة الحكم وظائفها وادوارها بشفافية ووضوح، وتوفر بيئة قانونية مناسبة للتقاضي والمحاكمة وتوفر عدالة، وغياب هذه الأسس يعتبر منقصة كبرى وخلل كبير..
إن الشركات الكبرى ورجال الأعمال يدرسون مثل هذه القرارات ويتخذون بناءاً عليها مواقف مؤثرة على السودان وإستقبال روؤس الأموال وخطط الإستثمار.. فلا تظنوا ان هذا الأمر ببساطة تنظيم لقاء صحفي..
كما أن مثل هذه القرارات تعتبر خصماً علي أدوار ووظائف مؤسسات الدولة (مثل البنك المركزي) أو ذات نتائج سالبة على خطط الحكومة في دعم الإقتصاد المحلي وزيادة الناتج المحلي..
إن ربط هذه الأمور، بالمماحكات السياسية ستؤدي لمخاطر جسيمة، ويصعب تلافيها، خاصة أن سياسة الحكومة ما بين الإنفتاح الآقتصادي وما بين (حفنة) اليسار الميال محاصرة روؤس الأموال (الراسمالية الطفيلية)، وهي عداوة باقية وإن تخفت في ثياب أخرى..
د. إبراهيم الصديق على