أسباب ضعف الحكومة الانتقالية( ٢ )

نواصل ما بدأناه في المقال السابق حول الأسباب التي أضعفت الحكم الانتقالي وقعدت به عن بناء السودان وتحويله إلى الأفضل في الجوانب الاقتصادية وجانب الخدمات المقدمة للمواطنين.

في المقال السابق ذكرت ثلاث أسباب هي ضعف القدرات الادارية لدى كثير من كوادر الحكومة التنفيذية، انهيار الخدمة المدنية، وضعف الشريك العسكري.

السبب الرابع هجرة العقول، إذ شهد عهد الانقاذ هجرة رهيبة في الكوادر والعقول والكفاءات للخارج نحو الخليج واوربا وامريكا، هذه الهجرات افقرت البلاد وجعلتها تفتقد لأهم عامل من عوامل النهضة والتنمية وهو العقل البشري النشط والمنتج، للأسف هذا الفقد يصعب تعويضه الآن وخلال السنوات المقبلة، والمطلوب أن تتخذ الحكومة منهجا مبتكرا وعلميا لاستقطاب هذه العقول للعودة العاجلة للبلاد والمساعدة في بناء النظام الإداري المدني وتقويته.

السبب الخامس التشاكس والصراع السياسي بين أحزاب وكيانات الحرية والتغيير، اللحظة التي رفض فيها الحزب الشيوعي اتفاق الشراكة ومن ثم سعى لخراب الفترة الانتقالية عبر اختطاف تجمع المهنيين واختراق لجان المقاومة ومنابر النشاط المدني المستقلة وتدجينها بخطاب تحريضي ضد ما سماه الهبوط الناعم، كانت لحظة مفصلية أججت الصراعات وخلقت استقطابا حادا داخل مجموعات الثورة وهو واقع كان فيه الحزب الشيوعي شريكا في الحكم وفي نفس الوقت مخذلا ومعارضا، وحتى بعد خروجه من قحت ظلت كوادره التي تم تمكينها عبر ازرعه في الحكومة الأولى تواصل عملية التخريب للشراكة والسعي لاسقاطها، يساوي النشاط الشيوعي التخريبي للعمل الحكومي النشاط التخريبي للدولة العميقة.

السبب السادس الدولة العميقة، رغم رحيل النظام البائد الا ان خلايا متعددة منه ظلت تنشط في عمليات عرقلة منظمة ومتعمدة لخطوات الحكومة الانتقالية وخاصة في القطاع الاقتصادي والقطاع الأمني وقطاع الخدمات، تحتاج الحكومة الانتقالية لعملية حوكمة إلكترونية من أجل وضع سجل شامل بالعاملين في مؤسسات الدولة من مدنيين وعسكريين وسجل شامل بالناشطين في القطاع الاقتصادي وقطاعات الاموال، وبناء نظام متابعة دقيق وفعال من أجل رصد سلاسل العمل التخريبي المنظم للدولة العميقة وإيقافها بطريقة تمنع إمكانية عملها مجددا، فالطريقة الفردية التي تتبعها لجنة إزالة التمكين لا تقطع السلاسل بطريقة فعالة.

أسباب اخرى؛ ضعف الحركات المسلحة وخاصة في دارفور، اذ تفتقر الحركات المسلحة للكوادر النوعية القادرة على مخاطبة إشكاليات الواقع الدارفوري المعقدة.
ارتفاع خطاب الجهوية والقبلية سبب مهم في الفتن الأمنية والسياسية التي ظهرت في الشرق والغرب.
انتشار الجهل والأمية بنسبة تقارب ال ٥٠% في السودان شكلت سببا مانعا لارتفاع الوعي المطلوب لبناء الطبقة الواعية بكثافة كافية لحماية التغيير ودعم برامج الحكومة.

اخيرا فشل الحركة الشبابية الثورية في تنظيم نفسها في تحالف شبابي فعال مثل سببا مهما لاختفاء الدور الرقابي الضاغط من الكتلة الثورية المستقلة على الحكومة الانتقالية، وهو دور كان يمكن أن يساهم في دفع الحكومة التنفيذية نحو تطوير قدراتها الإدارية وإنجاز أهداف الثورة في الحرية والعدالة والتقدم.

يوسف السندي

صحيفة التحرير

Exit mobile version