لا لتسليم البشير للجنائية !!

أعلم تماما ان هذا المقال سيكون صادما لعدد كبير من الذين يتابعون ما أكتب وربما سيتم وصفي بانني من سدنة النظام السابق ورغم ذلك سأقول ذلك وبمنتهى الصراحة والوضوح انا اقف تماما ضد تسليم البشير او اي من المتهمين للمحكمة الجنائية في لاهاي .

واعتبر ان هذه القضية لا يتم تداولها بشكلها الصحيح ولا يجري اي نقاش موضوعي حولها الا من زوايا ضيقة جدا ولا يتم الكشف عن الزوايا المعتمة في هذا الشأن وبات الذين ينادون بتسليم البشير وبقية المتهمين الى الجنائية الدولية هم اصحاب الصوت العالى والاكثر ضجيجا دون النظر الى تداعيات هذا التسليم في القضاء السوداني وما يمكن ان يسببه من شروخ عميقه في جسد هذا القضاء الذي نحترمه رغم كل ما يقال فيه ونحن على ثقة كاملة ان القضاء السوداني سيعود كما كان في سابق عهده عندما كان يوصف بانه من افضل اجهزة القضاء في افريقيا والدول العربية .

وما يحدث الان او في فترة النظام في هذا الجهاز الحساس هي حالة استثنائية وأملنا كبير ان يعود هذا الجهاز الى سابق عهده بفضل ثورة ديسمبر العظيمة .

نعود لاصل الموضوع ونسأل سؤالا والاجابة على هذا السؤال سيقودنا الى ان تسليم البشير الى لاهاي يجب اعادة النظر فيه بشكل جاد بعيدا من ( البروبوغندا) والمعارك السياسية وتصفية الحسابات السياسية . والسؤال هو .. متى يتم الطلب من المحكمة الجنائية للتدخل ومحاكمة اي متهم من دولة ما ؟

في حالتين لا ثالث لهما
الحالة الاولى اذا كانت الدولة المعنية غير قادرة على القيام بهذه المحاكمة
والحالة الثانية اذا كانت الدولة المعنية غير راغبة في محاكمة هذا المتهم .

وباسقاط الحالتين على حكومة الفترة الانتقالية نسأل هل الحكومة الانتقالية غير قادرة على محاكمة المتهمين ؟ وهل القضاء السوداني عاجز عن القيام بهذه المحاكمة ؟ واذا كانت غير قادرة فما هو مصير عشرات بل مئات القضايا والملفات المتكدسه امام رجال القضاء السوداني من جرائم النظام السابق .

الاجابة عندي ان القضاء السوداني ورغم كل العثرات قادر على حسم كل هذه القضايا . وعلى حكومة الفترة الانتقالية ان تنظر بجدية لاصلاح اي خلل داخل هذا الجهاز قبل ان تطلب من الجنائية الدولية محاكمة متهمين من المفترض ان تقوم هي بمحاكمتهم اذا كانت جادة في هذا الامر .

فالنبحث عن الاجابة للسؤال الثاني ، هل الحكومة غير راغبة في هذه المحاكمة؟ نستطيع ان نقول وبشكل عام ان الحكومة الانتقالية راغبة في المحاكمة والدليل على ما نقول انها بالفعل بدأت المحاكمات في بعض القضايا مثل محاكمة منفذي انقلاب الانقاذ وغيرها من القضايا رغم البطء الشديد في الاجراءات والاستقالات المتكررة من القضاة في بعض القضايا .

ونستطيع القول ان الحكومة الانتقالية راغبة ولكنها ربما غير قادرة على سرعة البت في هذه القضايا وعدم القدرة يعود الى الضعف الواضح في الجهاز القضائي و أوضح دليل على ذلك هو عدم قدرتها على حسم امر تعيين رئيس للقضاء منذ استقالة رئيسة القضاء حتى اليوم .

وهناك سؤال ايضا يفرض نفسه وهو ما مصير بقية القضايا التي يكون احدهم طرفا فيها مثل قضايا الفساد وقضية شهداء رمضان ؟ كلها أسئلة ملحة تحتاج الى اجابات منطقية قبل المناداة بتسليمهم الى لاهاي .

وهناك معلومة ( غير متأكد من صحتها) ان الصرف على المتهمين تقع على عاتق الدولة بمعنى ان حكومة السودان عليها ان تصرف عليهم فيما لو تمت الادانه ثم السجن مدى الحياة على السودان ان يتكفل بمعيشتهم وعلاجهم داخل سجون لاهاي . والحياة في سجونهم ربما ارقى حالا من الحياة عندنا في فنادق ذات الخمسة نجوم !! فهل الحكومة قادرة على ذلك ؟

حاكموهم هنا وبالقضاء السوداني حتى تحفظوا للقضاء السوداني هيبته وتعيدوا له مجده ونزاهته وعلينا المطالبة والالحاح في الطلب على اصلاح الجهاز القضائي والتخلص من كل العناصر السيئة داخل هذا الجهاز . وليتم سجنهم في كوبر او شالا او بورتسودان كما كانوا هم يفعلون بسجناء الرأي عندما كانوا حكاما لا تعطوهم فرصة لكي يعيشوا حياة رفاهية في سجون لاهاي بينما كانوا هم يطعمون من قاموا بسجنهم العدس و( موية الفول) .

مشاهدة حلقة واحدة من برنامج بيوت الاشباح تكفي لاقناعنا بضرورة محاكمتهم وسجنهم هنا في الخرطوم وليس في لاهاي .

وكان الله في عوننا

صحيفة التحرير

Exit mobile version