د ناهد قرناص تكتب : تسعة طويلة جداً

حتى وقت قريب.. اذا كنت في حالة خوف او عدم أمان.. وشاهدت شخصاً يرتدي زياً رسمياً.. شرطة او مساعديها..الاحساس الطبيعي هو ان شعوراً بالطمأنينة سيسري في بدنك.. وربما تقدمت اليه وطلبت منه تأمين سيرك.. وشرحت له مخاوفك.. وهو بدوره سيبذل جهده في مساعدتك لبلوغ مكانك.. روح يا زمان وتعال يا زمان و صارت رؤية منسوبي الاجهزة الرسمية تثير الخوف وربما قرأت في سرك “وجعلنا…” (ليه كدا بس؟).
ما الذي يحدث في عالم الشرطة ؟ ولماذا صرنا نطلبهم ولا يردون..؟ نتوقعهم ولايحضرون ؟؟ السرقات المخطط لها اصبحت شيئاً معتاداً وحديث المجالس.. والأساليب تطورت.. ذلك اللص الذي يسهر الليل وينتظر نوم أهل المنزل ويتسور الحائط بكل خفة.. ويمشي على اطراف أصابعه لكي يظفر بغنيمته دون ان يثير انبتاه أحد.. هذا اللص اختفى.. .حل محله (بلطجية) يأتوك مسلحين بالسلاح الناري والابيض.. يأخذون ما يريدونه عنوة.. واذا فكرت في مقاومتهم.. ستفقد حياتك في المقابل.
الشرطة تخرج علينا بعد ذلك لتصرح بأنها نجحت في القبض على الجناة في قضية القتيل الفلاني.. او السرقة الفلتكانية.. ويحدث بعد ذلك تكريم وتهنئة للفريق الذي نجح في فك ملابسات الجريمة.. مشكورين والله ولكن ذلك المجني عليه الذي فقد حياته وهو يدافع عن ماله وعرضه ؟ هل من بواكي له ؟ من أدخل في فهم الشرطة ان عليهم (انتظار البلاء) للتحرك ؟ وفي أحيان أخرى كثيرة يطلبون منك سيارة للتحرك لموقع الحدث ؟
شاهدت على اليوتيوب اسكتش يحكون عن قصة (التسعة طويلة).. جماعة في صف العيش.. يحذرون بعضهم البعض ما ان يتناهى الى سمعهم صوت دراجة بخارية.. يصيح أحدهم (موبايلك جوة جيبك.. خليك حريص.. قروشك أمسكها ).. الاسكتش مضحك ومبكي.. و ما يعرف ب “التسعة طويلة” في انتشار شديد.. حتى انني شاهدت مقطعاً لأحدهم وهو يخطف هاتف جوال من شرطي مرور في خضم الزحمة (أما حكاية شرطي المرور بالبتكلم بالتلفون اثناء العمل فتلك قصة أخرى).
اليوم.. استيقظنا صباحاً على خبر ذبح صاحب بقالة في شارع الحاج يوسف الرئيسي.. ذبح من الوريد للوريد لأنه فكر في الدفاع عن ماله وتجارته.. وبعد ذلك تم نهب المحل بالكامل.. حدث هذا في شارع كبير عريض مثل شارع الحاج يوسف.. في منطقة مكتظة بالسكان.. ماذا يعني هذا ان لم يكن ان الجناة قد أمنوا من العقاب.. واطمأنوا الى غياب الأجهزة الشرطية.. فعاثوا في الأرض فسادا.. لو استمر الامر هكذا سينفلت الأمن.. لأن المواطن سيضطر الى حمل السلاح لحماية نفسه.. وحينها لن ينفع الندم ولا قول (ياريت).
يا سعادة وزير الداخلية..
أرى تحت الرماد وميض نار.. وأخشى ان يكون لها ضرام

صحيفة الجريدة

Exit mobile version