ما وراء عودة الحسن الميرغني ..!

غادر محمد الحسن الميرغني البلاد خلال ثورة ديسمبر مع سقوط نظام الإنقاذ إذ كان يشغل آنئذٍ منصب مساعد أول رئيس الجمهورية المخلوع عمر البشير وكان حينها نائباً لرئيس الحزب الاتحادي الاصل، وظل بعيداً عن دائرة الفعل السياسي طوال العامين السابقين قبل ان يعود أمس الاول وفي حقائبه مبادرة كشف أبعادها القيادي بالحزب مالك درار الذي اوضح انها ترتكز على شقين أحدهما معني بالوفاق الوطني ولم الشمل الوطني والتجهيز للانتخابات بينما الشق الثاني منها يهدف للم الشمل الاتحادي والوحدة الاتحادية.

أجندة

رغم ان المناخ السياسي عقب ثورة ديسمبر كان مشجعاً للعديد من الجهات لطرح مبادرات للاصلاح ولم الشمل الوطني وتجاوز العقبات التاريخية في البلاد فضلا عن المبادرات الحزبية التي طرحت للم الشمل الحزبي خاصة في الحزبين الكبيرين “الأمة والاتحادي” إلا ان مراقبين يرون أن عودة الميرغني الصغير في هذا التوقيت وطرحه للمبادرة لا يخلو من اجندة إعادة إنتاجه كفاعل سياسي من جديد خاصة بعد أن عين والده شقيقه الأصغر جعفر الصادق نائباً للحزب واستدلوا على ذلك بأن عودة محمد الحسن الميرغني جاءت عبر منصب جديد.

فائدة

ويشير مصدر اتحادي ـ فضل حجب اسمه لـ(الصيحة) إلى أن مبادرة محمد الحسن الميرغني للوفاق الوطني لم تخرج عن الطرح الذي ظل يطرحه رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني، كما أنها تحمل ذات مضامين المبادرات الكثيرة التي طرحت، ومن ضمنها مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لافتاً إلى أنها قد لا تحمل نفس الاسم ولكنها تحمل مضامين الوفاق الوطني، لكنه يشير إلى أن فائدة مبادرة الميرغني تتمثل في أنه يرتكز على رصيد كبير من القيم والمكون البشري للحزب الاتحادي الأصل ما سيكون دافعاً للتناغم السياسي الداخلي الذي من خلاله يمكن جمع الصف الوطني والتحلق حوله، إذاً ما وراء عودة الميرغني.

ولكن ذات المصدر أكد أن الحسن الميرغني عاد ليؤكد وجوده في الخارطة الاتحادية، لافتاً إلى أن ذات الصفة التي تم تقديمه بها بعد عودته هي ذات الصفة التي يشغلها شقيقه جعفر بعد تعيينه فيها مؤخراً وقام بأداء القسم لتقلدها، وقال “المتابع للحزب الاتحادي الديمقراطي يلاحظ أنه الأكثر خلافاً وسط الأحزاب السياسية لدرجة أن الخلافات فيه وصلت داخل البيت الاتحادي وقياداته، وهذا ما جعله في حالة انقسام وصلت به للتشظي إلى ثمانية كيانات تعمل في الساحة السياسية بمسميات مختلفة تحمل اسم الحزب الاتحادي الديمقراطي.

شق آخر

واستدل المصدر على ذلك بأن الحسن الميرغني وضع ضمن مبادرته شقاً يهدف للإصلاح داخل الحزب، وقال إن قطاع التنظيم برئاسة السيد محمد الحسن الميرغني سيعمل على لم شمل القواعد الاتحادية تحت رئاسة مولانا الميرغني، مبيناً أن قطاع التنظيم سيعمل مع جميع القيادات والقواعد الاتحادية وصولًا لمؤتمر عام وفق عودة مولانا الميرغني للم الشمل الاتحادي ومن أجل أن يمارس الجميع حقه بكل حرية في المؤتمر العام، وأكد وجود تشاور مستمر وفاعل مع السيد الحسن في الفترة الماضية لوضع خطة محكمة وترتيبات كاملة لتنفيذ ذلك البرنامج.

رفض

وربما ينظر الإعلامي المتخصص في شؤن الاتحاديين عادل عبده نظرة مختلفة لعودة الميرغني الصغير، فهو يشير في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن عودة الحسن مبنية على البرنامج السياسي الذي ظل يتحدث عنه وهو تحقيق الوفاق الوطني في الساحة السياسية والعمل على توحيد الحزب كما يقول، وقال: “من الطبيعي أن يعود الحسن الى وطنه ليتم التعاون مع مجموعة كبيرة جدًا من أنصاره في الداخل الذين يريدون أن يعرفوا ما كان يفعل الحسن الميرغني في الخارج، وهل العودة مرتبطة ببرامجه ورؤيته خاصة وأن قضية الوحدة الاتحادية التي تم إنجازها في قاعة الصداقة مؤخرًا تمت عندما كان خارج البلاد، ولم يشارك فيها، لذلك فهو سيكون حريصًا على معرفة ما إن كان مشروعه الذي ظل يدعو له تم بالطريقة الصحيحة أم لا، خاصة أن الجميع في الحزب الآن يعلم أن الحسن لم يعد في ذات منصبه السابق، إذ أن شقيقه جعفر هو من أدى القسم نائباً لرئيس الحزب في قرار تم اتخاذه وتنفيذه أمام مرأى ومسمع قيادات الحزب.

وظيفة مجهولة

عادل عبده يرى أن الوظيفة التي تم تقديم الحسن بها كرئيس مناوب للحزب لا يعرفها الكثيرون من قيادات الحزب حتى الآن كونها لم يصدر بها قرار من السيد محمد عثمان الميرغني، ولم تتم مراسم تنصيبه فيها ولم يؤد الحسن قسماً لهذا المنصب، وقال “السيد جعفر الميرغني هو نائب رئيس الحزب الاتحادي بقرار من مولانا الميرغني وأدى القسم على ذلك وهذا شيء معروف للجميع، أما الحسن فقد كان يقول في فترة سابقة إنه رئيس التنظيم والآن جاء بموقع جديد لا أحد يستطيع أن يؤكد ذلك”.

ذكاء سياسي

اعتبر عادل عبده في حديثه لـ(الصيحة) أن طرح الحسن الميرغني لمبادرته مع عودته ذكاء سياسي كون أن غيابه الطويل أملى عليه أن يعود بجديد لأن الرجل غاب عن الساحة السياسية لفترة طويلة جداً وليس من الذكاء أن يعود وهو فارغ البرمجة السياسية فكان لابد أن يعود عبر برنامج ومشروع ورؤية حتى لا يقال إن مولانا الحسن كان خارج البلاد لفترة زمنية طويلة وعاد دون أن تكون لديه رؤية أو عمل يريد أن يقدمه للسودانيين والاتحاديين.

تقرير ـ عوضية سليمان
صحيفة الصيحة

Exit mobile version