كارثة التسرب بالميناء..!

شمائل النور
بيان صادر من الشرطة يقول إن قوات الدفاع المدني بولاية البحر الأحمر، فرعية ميناء بورتسودان تمكنت من معالجة عدد من الحاويات تحمل مواد كيميائية شديدة الخطورة تسربت محتوياتها بالميناء الجنوبي.
وبحسب البيان، تم اكتشاف هذا التسرب الخطير خلال المرور الروتيني في الميناء الجنوبي في منطقة تخزين البضائع الخطرة، حيث لاحظ أفراد الدفاع المدني وجود تسريب من (5) حاويات، ثلاث منها تحوي حمض النتريك وحاويتان تحوي حمض الكبريتيك وهي مواد كيميائية شديدة الخطورة ومن خصائصها تآكل وإذابة الحديد والعديد من العناصر الصلبة وتسببت في تلف وتآكل للحاويات التي تحوي المواد، ومع ارتفاع درجة الحرارة وتفاعلها مع حديد الحاويات بدأت في التبخر وإطلاق أبخرة صفراء اللون، وهي غازات خانقة شديدة السمّية قد تؤدي إلى ضرر بالغ في الجهاز التنفسي ثم الوفاة في حالة استنشاقها. ووفقاً للبيان، اتخذت سلطات الدفاع المدني تدابير واحترازات واقية لتحجيم الآثار السالبة.

وذات البيان أشار إلى نقل هذه الحاويات إلى منطقة معزولة، لكن بعد بيان الدفاع المدني أشارت بعض المعلومات إلى وجود هذه الحاويات في مكانها حتى ظهر أمس.

والقضية قطعاً لا تتعلق بتحميل المسؤولية لطرف دون غيره، وأظن أن الدفاع المدني قدم ما استطاع في ظل انعدام إمكانيات وربما خبرة أكثر في التعامل مع حوادث مثل هذه.
القضية تبدو سمتها الرئيسية، الإهمال، الإهمال الذي أصبح ديدن الدولة في كل المؤسسات، خاصة ذات الطبيعة التي لا ينبغي أن تقبل أقل درجة من الإهمال.
لم تتحدث الحكومة، ممثلة في إدارة الميناء أو حكومة الولاية، عن هذه الحاويات التي يبدو أنها مكثت فترة طويلة حتى تفاعلت محتوياتها بفعل الحرارة، ولأي جهة تتبع وما السبب الذي يجعلها قابعة حتى اليوم.
هذه الكارثة ينبغي أن تفتح الباب واسعاً حول قضية السلامة، ابتداءً بالعمال الذين ينفذون مثل هذه الأعمال وانتهاء بسلامة المواطن الذي من المحتمل أن يستنشق مثل هذه المواد المميتة.

وكون الحكومة لم تتحدث عن هذه الواقعة حتى اللحظة يؤكد عدم المبالاة بشكل عام تجاه سلامة الناس وحفظ حياتهم.
وإن لم يكن لأرواح الناس وحياتهم قيمة فلتنظر الحكومة إلى عواقب ذلك لعشرات؛ وربما مئات المتعاملين مع الميناء في أنشطتهم التجارية.
حينما تفجرت قضية تكدس الجثث في مشارح الخرطوم والتي أوقفت عمليات الدفن منذ عام 2019 بعد مجزرة فض الاعتصام، اجتهد كثيرون في التحليل والغرق في نظرية المؤامرة حول من له مصلحة في ذلك.
واقع الحال أن كل المسألة لا تتعدى الإهمال وعدم الاكتراث، وهذا منهج الحكومات المتعاقبة.

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version