لم يعد تقييم شركات القطاع الخاص يعتمد على ربحيتها فحسب ، ولم تعد تلك الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط ، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الإقتصادية والتكنولوجية والإدارية عبر أنحاء العالم . وكان أبرز هذه المفاهيم مفهوم المسئولية المجتمعية للشركات ، وقد أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص محورياً في عملية التنمية وهو ماأثببته النجاحات التي تحققها الإقتصادات المتقدمة في هذا المجال، وقد تجئ هذه النشرة التعريفية وقد توسع النشاط التعدينى بالبلاد وتعاظم دوره كوسيلة من وسائل نشر وتمكين ثقافة المسئولية المجتمعية فى هذا القطاع العريض .
المسؤولية المجتمعية للشركات في مجال التعدين تسير على الطريق الصحيح، وذلك بسبب التوعية الناجحة خاصة في ظل فهم المضامين الاجتماعية والسياسية والأخلاقية في هذا الموضوع و أن الالتزام الأخلاقي من جانب الشركات تجاه المجتمع زاد بشكل كبير خلال الفترة الماضية خاصة أن الأهداف التي تريد المسؤولية المجتمعية تحقيقها تتوافق مع رؤية وزارة المعادن والشركة السودانية للموارد المعدينية 2030.
يجب النظر إلى التعليم والصحة والخدمات العامة وتنمية السودان، أنها النقاط الرئيسية التي يجب على شركات التعدين فيها لرد الجميل للبلاد، وأن ذلك من الضروريات لأي أمة لتطوير بنية علمية راسخة وضمان تحقيق النمو الاقتصادي بما يتفق مع المتطلبات البيئية
تعريف المسئولية المجتمعية :
هنالك عدد من التعريفات لمفهوم المسئولية المجتمعية ، حيث لم يتم حتى الآن تعريفها بشكل محدد و قاطع تكتسب بموجبه قوة الزام قانونية وطنية او دولية ولا تزال هذه المسئولية في جوهرها معنوية أي انها تستمد قوتها و قبولها و إنتشارها من طبيعتها الطوعية الإختيارية ، ومن هنا فقد تعددت صور المبادرات و الفعاليات بحسب طبيعة البيئة المحيطة ، و نطاق نشاط المؤسسات و ما تتمتع به من قدرة مالية و بشرية ، و هذه المسئولية بطبيعتها ليست جامدة بل لها صفة الديناميكية و الواقعية و تتصف بالتطور المستمر كي تتوائم بسرعة وفق مصالحها .الا أن كل هذه الآراء تتفق من حيث مضمون هذا المفهوم .
و قد عرف مجلس الاعمال العالمي للتنمية المستدامة المسئولية المجتمعية على انها الإلتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً و المساهمة في تحقيق التنمية الإقتصادية و العمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة و عائلاتهم و المجتمع المحلي و المجتمع ككل .
ويمكن اعتبار تعريف المؤسسة الدولية للمعايير (ISO) التعريف الشامل للمسئولية المجتمعية :
مسئولية المؤسسة على الآثار المترتبة على قراراتها وأنشطتها على المجتمع والبيئة ، من خلال سلوك يتسم بالشافافية والاخلاقية وبذلك :
يساهم فى التنمية المستدامة والصحة ورفاهية المجتمع
يأخذ فى الاعتبار توقعات أصحاب المصلحة
يمتثل للقوانين والانظمة السارية وبما يتفق مع المعايير الدولية للسلوك
يدمج هذا السلوك فى جميع نشاطات وممارسات المؤسسة
وهي إلتزام مستمر من قبل القطاع العام و الخاص و منظمات المجتمع المدني بالمساهمة في تطوير و تحسين المستوى الثقافي و التعليمي و الاقتصادي و الصحي للمجتمع . و ذلك من خلال الخدمات المتنوعة التي من شأنها الارتقاء بمستوى المجتمع و الوطن و تغيير الصورة الموجودة.
أهمية المسئولية المجتمعية محلياً و عالمياً :
حُظيت المسئولية المجتمعية في السنوات الآخيرة بإهتمام كبير لدى المنظمات الدولية و الاقليمية التي بذلت جهدا كبيرا في ترسيخ مبادئها و اسسها في الاتفاقيات الدولية و مدونات قواعد السلوك ، و رغم أن جهود المسئولية المجتمعية قد نشأت و تطورت في العالم الغربي الذي ظل لوقت طويل يناقش نظرياتها ، الا ان الاسلام و منذ خمسة عشر قرنا أرسى قواعدها حيث جاءت نصوص عديدة في القرآن و السنة المطهرة ، حاثة على التكافل الاجتماعي و الانفاق في الخير و ما ينفع الناس حيث قال تعالى : (و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعونوا على الاثم و العدوان ) ، و قد اعترف الغربيون انفسهم بأن مفهوم المسئولية المجتمعية ما هو الا عودة لمكارم الاخلاق و التعاليم الدينية ، حيث خلصوا الى ان الدين هو البعد الاساسي لمفهوم المسئولية المجتمعية و حيث ان الاسلام خاتم الرسالات و اكملها فقد اعتنى بجميع شئون الناس .
وهنالك عدد كبير من العناصر التي تشكل محتوى المسئولية المجتمعية و التي يمكن الاشارة الى بعضها كمؤشرات لمحتوى المسئولية المجتمعية و هم : العاملون ، الزبائن ، المنافسون ، المجتمع ، البيئة ، الحكومة و جماعات الضغط الاجتماعي .
أبعاد المسئولية المجتمعية :
حيال الالتزام المشار فى تعريف المسئولية المجتمعية فإن على المؤسسات القيام بأداء ثلاث أشكال من المسئولية هى كالاتى :
البعد الاقتصادى The economic dimension
يستند إلى مبادئ المنافسة والتطور حيث يشتمل على مجموعة كبيرة من عناصر المسئولية المجتمعية التى يجب أن تؤخذ فى إطار إحترام قواعد المنافسة العادلة بما لايلحق ضرراً بالمجتمع والبيئة وفى إطار هذه المسئولية تحقق المؤسسة الفوائد والارباح الكافية .
البعد الاجتماعى The social dimension
لابد للمؤسسة أن تساهم فى تحقيق رفاهية المجتمع الذى تعمل فيه وتحسينه بما ينعكس إيجاباً على زيادة إنتاجيتهم وتوفير الرعاية الصحية والمجتمعية .
البعد البيئى Environmental dimension
لابد للمؤسسة أن تراعى الآثار البيئية المترتبة على عملياتها ومنتجاتها والقضاء على الانبعاثات السامة والنفايات وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والانتاجية من الموارد المتاحة وتقليل الممارسات التى قد تؤثر سلباً على تمتع البلاد والآجيال القادمة بهذه الموارد ،وعلى المؤسسة أن تعى جميع الجوانب البيئية المباشرة وغير المباشرة ذات الصلة فى تأدية نشاطتها وعليها إستخدام معايير معينة لمعرفة تلك الجوانب البيئية ذات الأثر المتميز ،لتتمكن بالتالى من التحسين الفعال لادائها البيئى.
محاور عمل المسئولية المجتمعية
التعليم
الصحة (مستشفيات ، مراكز صحية ،…)
البنية التحتية (طرق ، كبارى ،المبانى )
المياه ( ابار ، حفائر، …)
الخلاوى والمساجد
ISO26000 المواصفة القياسية الدولية للمسئولية المجتمعية :
تعتبر اول مواصفة عالمية فى المسئولية المجتمعية وهى معيار دولى أطلقته المنظمة الدولية للمعايير (ISO) فى نوفمبر 2010م ليقدم توجيهات بخصوص المسئولية المجتمعية والهدف منه هو المشاركة فى عملية التنمية المستدامة العالمية من خلال تشجيع الشركات والمنظمات على المشاركة فى ممارسة المسئولية المجتمعية لتحسين هذه الممارسة فى المجتمعات وبيئاتها الطبيعية .وتساهم فى التنمية المستدامة التى تهدف الى القضاء على الفقر ، وإلى توفير الصحة للجميع ،والعدالة المجتمعية ،ومقابلة إحتياجات المجتمع من خلال العيش فى الحدود البيئية للكوكب بإستخدام الموارد الحالية دون المساس باحتياجات الاجيال المستقبلية وترتكز على ثلاثة جوانب هى :
دعم النمو الاقتصادى
تحقيق التقدم المجتمعى
الاسهام فى حماية البيئة
هنالك سبع مبادئ أساسية لهذه المواصفة وهى :
قابلية المساءلة Accountability
الشفافية Transparency
السلول الاخلاقى Ethical Behavior
إحترام مصالح الأطراف المعنية Respect of stakeholders
إحترام سيادة القانون Respect of rule of law
إحترام حقوق الانسان Respect of human rights
إحترام الأعراف الدولية للسلوك Respect of international Norms of Behavior
آليات وزارة المعادن والشركة السودانية فى الإشراف والرقابة والتنسيق :
اولت وزارة المعادن اهتماماً كبيراً بالمسئولية المجتمعية في تلازم مع المهام الاخرى الصحية و البيئية و الإنتاجية حيث أنشأت الإدارة العامة للبيئة و السلامة و المسئولية المجتمعية خصيصاً للقيام بواجبات السلامة و الصحة المهنية بقطاع التعدين ، و المسئولية المجتمعية متمثلةً في الاهتمام بالبيئة و الخدمات المقدمة للمجتمعات المحلية في جوانب التعليم ، الصحة ، مشروعات البنى التحتية من طرق و جسور و إتصالات و مشروعات التنمية المستدامة التي ينعكس خيرها على المواطنين .
مجلس المسئولية المجتمعية القومي :
أكدت الوزارة في مقدمة خططها للمسئولية المجتمعية على أن هناك حاجة ماسة لتضافر جهود الشركاء ( الحكومة – شركات التعدين – الجماعات المحلية – المجتمع المدني ) لإنجاح برامج المسئولية المجتمعية و تقديم خدمة نافعة ليحسها المواطن وفق حوجه المجتمعات المحلية و أولوياتها فقد أصدر السيد / وزير المعادن قراراً كوَن بموجبه المجلس القومي للمسئولية المجتمعية برئاسة وزير الدولة بوزارة المعادن ، ليطلع بمهام التخطيط و صنع السياسات لعمل المسئولية المجتمعية و إجازة خطط الولايات و الاشراف على تنفيذها .
مجالس المسئولية المجتمعية بالولايات :
في هذا الخصوص اصدر السيد / وزير المعادن خطابات للسادة / ولاة الولايات بضرورة تكوين مجالس المسئولية المجتمعية بالولايات للإشراف على تحديد سلة المشروعات بالمحليات و إجازتها و المتابعة الفنية لإنفاذها وكذا رفع خطط المسئولية المجتمعية للمجلس القومي لإجازتها و رفده بالتقارير الدورية .
وقد تم إعتماد مجالس التنسيق بالولايات لتكون المرجعية لعمل المسئولية المجتمعية .
كما تم تكوين مجالس بالمحليات برئاسة المعتمدين قوامها ممثلى المجتمعات المحلية التى توجد بها شركات التعدين لتعمل على رصد ورفع المشروعات المطلوبة ومن ثم متابعتها حتى التنفيذ.
سياسة وزارة المعادن و الشركة السودانية للموارد المعدنية (SMRC)فى المسئولية المجتمعية
التزام الشركات بتضمين بند المسئولية المجتمعية بالموازنات السنوية كإلتزام اخلاقي.
أحقية مجالس المسئولية المجتمعية بالولايات و المحليات في تحديد سلة المشروعات و تحديد الأولويات .
الشركة السودانية للموارد المعدنية هي الجهة التي تعتمد الميزانيات المرصودة لمشروعات المسئولية المجتمعية من قِبل شركات التعدين و الإشراف على متابعة كيفية صرفها بالتنسيق مع مجالس الولايات .
إطلاع الشركات بمسئولية التنفيذ المباشر للمشروعات على ان تتولى الولايات و المحليات مسئولية الاشراف على مراحل التخطيط و التنفيذ و الإستلام .
التركيز على توجيه الجهود في إطار المسئولية المجتمعية نحو مشاريع التنمية المستدامة.
نشر ثقافة المسئولية المجتمعية و العمل على تعزيز قيمها و مفهومها .
قياس مدى رضا المجتمعات المحلية و أثر المشروعات المنفذه عليها .
توثيق التجربة و الإستفادة من التجارب الوطنية و العالمية المماثلة .
مراعاة و تعزيز مبدأ العدالة و التوازن في تخصيص الموارد و إعتماد المشروعات .
إعداد و تأهيل الكادر البشري العامل بمجال المسئولية المجتمعية بقطاع التعدين .
تعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية من خلال مشاركة منظمات المجتمع المدني .
محمد عثمان داوود
صحيفة التحرير