العيكورة يكتب: عندنا واحد بشتغل الشغل ده

بقلم/ صبري محمد علي (العيكورة)
اعتقد ان جميع السودانيين يجمعهم حب المدح ونفخ الذات وما يتغني به الآخرون عن كرمنا وشجاعتنا وشهامتنا . فسرعان ما نتبادل عبر الوسائط ما قاله المادحون ولو كذباً أو سخرية او (استكياشاً) لعقولنا . سيما من الذين اغتربوا وسمعوا ذلك من رعايا الدول الاخري
ولكن الا تتفقون معي ان الشخصية السودانية تحمل بداخلها متناقضات عجيبة فبينما تجدها كريمة وشجاعة مع الآخرين تجدها على النقيض من ذلك داخل وطنها وبين عشيرتها وحتى لا تتهمني بالمبالغة فسأورد لك بعض الامثلة لا الحصر .
اما حدث معك ذات مرة ان ذهبت لاى مرفق حكومي لقضاء مصلحة معينة وجاءك من يهمس فى اذنك ان لديه من ينهي لك المهمة فى طرفة عين (والشغل ده بكلف كده) ! فاين الشهامة هنا ؟ اما تلاحظ معي ان ثلث الشعب السوداني ان لم يكن نصفة وطائفة من الذين (يتحاومون) داخل الاسواق المركزية واسواق الخضار ودلالات السيارات وخارج مكاتب الاراضي يعملون بالسمسرة ؟ فأين مخافة الله هنا ؟ اما تلاحظ معي ان السودانيين ابدعوا فى سرعة تكوين امبراطوريات تجارة العملة و امتازوا ببراعة التخبي وتغيير اللغة المتداولة بين اعضائها ! فمن يمتهن تجارة العملة غيرنا فى العالم . اما تلاحظ معى عزيزي القارئ ان سمسار عربات واحد بالخرطوم بامكانه ان يُكسّد بضاعة اضخم مصانع السيارات الالمانية والامريكية ويلقى بكل مهندسيها فى قاع ذاكرتنا الخربة ان العربات الفلانية (ما نافعا) ونظل نتداولها فيما بيننا كما القطيع .
اذا ذهبت لتشتري قطعة ارض فى (مدني) مثلاً فستجد سمسار هناك يلعن لك ابو الخرطوم ويرسم فى ذهنك صورة قاتمة لحراميتها وإن اردتها بالخرطوم زينوا لك العاصمة ولعنوا لك الاقاليم ! فأين الاخلاق هنا ؟ إذا ذهبت مُشترٍ لبضاعة من الاسواق المركزية للخضر والفاكهة مثلاً ستكتشف انك سلمت النقود للبائع رقم عشرة وان صاحب البضاعة والجهد والعرق لم يستلم سوي معشار ما دفعته والباقى ذهب لكروش السماسرة اذا اين اغاني الكرم والشهامة وعفة النفس التى يتغني بها السودانيون ؟ و الامثله لا تُحصي ولا تُعد حتى صحة الانسان ودوائه لم تسلم من هذه (الموبقات) .
اذا نحن امة لينة الجانب مع الغرباء شديدة البأس فيما بينها لم يسلم منها المغترب العائد بحصيلة اغترابه من السماسرة وتماسيح الاراضي وعباقرة السيارات .
أما بقية الفصائل المتعلمة الاخري فكلها (سايقا) ميكانيكي لانه قال ان (صوفة القير) للعربة الفلانية تهرب زيت . و اللاّ سمسار اشاع ان اراضى الحتة الفلانية (بتفور) ولا تصلح للبناء ! واللاّ كمان واحد عامل فيها (مقددا) يقول ليك الدولار بعد يومين سيصبح بكذا لان راجل اختو شغال فى البنك المركزي واخبره بقرض ملياري سيتنزل على السودان !
يا جماعة ما تعاينوا لى كده مُش دي مصادر معلوماتنا الكووولنا جاريين وراها ! وروني بيت خبرة واحد يقدم خدمات استشارية لمن اراد ان يستثمر فى الزراعة مثلاً واللا جهة تقدم الخدمات العقارية او خدمات عن السيارات ولو خدمات مدفوعة الثمن صدقوني لو لم يرتفع مستوي الوعي لدينا سنظل مُنقادين للسماسرة والميكانيكية و زينب الدلالية . فمتي يتصدي شبابنا لهذا العبث ويقتحموا مجال الاستشارات المتنوعة على هُدي من علم ومعرفة (وبي حقها ياخ بس ينورو الناس) ويدلوهم على المعلومة العلمية الصحيحة وصدقوني غير كده حا نشرب وما نروي مع الشُفع السماسرة ديل .
قبل ما انسي : ــــ
احد الشباب كان لديه قرحة معدة ولم تكن الاسرة تعلم ذلك فاشتد الالم به ذات ليلة وفى الصباح زارتهم جارتها حاجة التومة (زمالة الامراض الباطنية من جامعة هارفرد وكده) فاستمعت لقصة الم الشاب البارحة ترويها امه وهى تستمع اليها باصغاء (مغزغزة كيعانا) . فقالت لها بعد ان تأكدت من ان الوجع فوق فم المعدة وبسوي (فح فح ) اشارت عليها ان تسقيه الزنجبيل المغلي و يتناوله حاراً ! وبعد هذه الوصفة كاد الشاب ان يذهب فى (خبر كانا) لولا لطف المولي عز وجل .
أهااا يا جماعة هسي نحن عندنا كم حاجة التومة فى مجال الاراضي والعربات والاسواق ؟
عزيزي المواطن اصبر علي طول الصف وهجير الشمس ولا تدفع مليماً واحداً لمستغل فإنك بذلك تبني وطناً وترسي قيماً نبيلة .

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version