مرتضي الغالي يكتب فرحة تنتظر الدعم اللوجستي..!!

لمسنا فرحة الشارع باستقالة قاضي محكمة الانقلاب.. ولم يكن ذلك من الأمور التي تحتاج إلى كثير اجتهاد للوقف على أسباب هذا الابتهاج الشعبي بالاستقالة بعد الأداء الغريب العجيب الذي كان يتعامل به مولانا القاضي مع شرذمة الإنقاذيين الانقلابيين (والشرذمة تعني الجماعة القليلة من الناس) التي تخضع للمحاكمة تحت طائلة الانقلاب الذي سوّد حياة السودانيين بالزفت والقار والقطران والطين و(الخبوب) وقسّم الوطن وأحال السودان إلى سوق للحرامية، تُباع فيه الذمم والاسبيرات والسكة الحديد وخطوط الطيران والبواخر والقروض والمؤسسات والكرامة لكل مشتر وطامع.. وهو بيع الإنقاذيين بواسطة الإنقاذيين للإنقاذيين..ولكل طامع رخيص النفسفالذين يقومون بالشراء المجاني هم الإنقاذيون أنفسهم فمن يطالبهم بدفع ثمن المبيعات.. وكلها بيوع محرمّة وفق تقاليدالتعاقدات وحتىبل هي من البيوع المحرّمة وفق الشريعة التي يلهجون و(يهاتون بها) مثل بيع العين وبيع الركبان وبيع النجش ..! وإذا باع الشخص ضميره ووطنه فما الذي يجعله يتردد في بيع (خط هيثرو) أو (كناف أبو نعامة)…!!

لا ..لا..لا.. فرحة الناس كانت عارمة في أعقاب نبأ استقالة قاضي محكمة الانقلاب الذي لم يستطع أن يملك زمام محكمته بل جعلها مثل (سوق الزلعة) و(موقف جاكسون) وسمح بتطاول المتهمين والمحامين وهذه الشرذمة (المجربنة) باتهامات القتل والإبادة.. ألم ترهم يتقافزون في المحكمة وأمام القاضي ليتصايحوا بخطب الوعظ والتشكّي..والقاضي لا يستطيع أن يحفظ وقار محكمته ويتركهم يتنططون من كنبة إلى كنبة ويتجاذبون (المايكات)ويتنافسون في تبادل الترهات والطلبات السخيفة وإضاعة الوقت في توصيف الحمامات وفقه (قضاء الحاجة)، ويطلقون عبارات الاستحقار لثورة الشعب والطعن في الدولة والحكومة والقضاء.. بمساندة محامين أتاح الله لهم أن يقبضوا القروش والأتعاب من متهمين أخذوها من المال العام والمحامون يعلمون أنها قضية خاسرة، لكن هكذا قضى الله في حكمه أن يكون رزق المخاتيل على المسروعين (أو كما يقول المثل الشعبي الصميم..)!!

لا ينبغي أن يقول القاضي إنه تقدم باستقالاته انتظاراً لقرار رئاسة القضاء.. فهل يأملعدم قبول استقالته..؟! وهل ينتظر أن يعود مرة أخرى باعتبار أن رئاسة القضاء رفضت استقالته..؟! ثم ما هو السبب في انقضاء كل هذا الوقت حتى يتم إسناد المحكمة لقاضٍ آخر من الذين يعرفون معنى (أن تكون قاضياً) تقيم قسطاط العدالة وتحفظ لمقعدك احترامه وللمحكمة وقارها، لا أن تجعل منها (سيركاً متحركاً) للهرج والمرج والألعاب البهلوانبة ..وتأخير هذا الأمر بل مجمل التعامل في القضاء يجعلك تضع يدك على مكان القلب خشية مما يدور في رئاسة القضاء.. وكنا قد استبشرنا بتبديل رئيسة القضاء التي أضاعت على نفسها دخول تاريخ نضال نساء السودان الباسلات من أبوابه الأمامية، تتويجاً لمسيرة نساء السودان الناصعة في مصاف المواقع المتقدمة في سلك الحياة المهنية.. ولكن ..!!

لماذا كل هذا التأخير في مجرد قبول استقالة تأخرت كثيراً وكان ينبغي أن يسبقها استبدال قاضٍ لم يستطع لمدى شهور طويلة من تمكين المتحرّي المسكين من إكمال قراءة بضع أوراق بين يديه بسبب مقاطعات متهمين تنوعت خروقاتهم السمجة للوائح المحكمة بسبب غياب حزم القاضي، وتطررت إشارات عدم احترامهم القاضي ومحكمته..فكلهم ممن تشبعوا بـ(أدب الإنقاذ) في الهرجلة والبرجلة والادعاء وسوء المدخل والمخرج والتنطع وانعدام الزاجر ..وبين هيئة الدفاع من كان مكانه قفص الاتهام وليس منصة المحاماة..حتى أصبحنا لا ندري من هم المتهمون ومن هم المحامون بينما القاضي يكاد أن يتحوّل إلى (فني الساوند سيستم) الذي ينصب دوره خلال التشغيل على تحويل (المايكات) من متحدث إلى آخر..!! الله لا كسب الإنقاذ..!!

صحيفة السوداني

Exit mobile version