الحديث عن صراع تونسي مشابه لما حدث في مصر بعد رئاسة مرسي رحمه الله غير صحيح، قيس لم يقم بانقلاب بل الصحيح أنه قطع الطريق على انقلاب عسكري بسبب تصدع التجربة الديموقراطية في تونس واحتياجها الى صيانة عاجلة، من جهة أخرى، الان معظم القوى السياسية اسلامية او علمانية ترفض قرارات الرئيس بينما تجد القرارات ترحيبا في الشارع التونسي مما يعني أن الحالة التونسية هي “انفصال” بين النخبة السياسية الحاكمة والشعب التونسي وليس “انقسام” علماني إسلامي.
حسب نقاش شاركت فيه مع باحثين في قروب أمريكي وصف بعضهم قيس بأنه غيور وحاد (بمعنى أنه ليس عجينة طرية في يد الغربيين).
كلهم يعلمون انه فاز بزلزال انتخابي شعبي رافض للنخبة السياسية الحاكمة بل والمعارضة التي لم تنجح في ايقاف الفساد بل ربما تماهت معه.
قيس سعيد لم يفز بدعم بترودولاري ولا اوربي .. حملته مولها الناخبون أنفسهم وساعدها السخط الشعبي على النخبة الحاكمة كلها.
محاولات الاحتواء الخارجية ربما تكون حدثت له او ستحدث لاحقا، لكن لن تستمر الى نهاية الشوط وغالبا ما ستحدث تسوية تونسية داخلية.
لو كان قيس سعيد هو وزير الدفاع أو قائد الجيش أو ألعوبة في يدهم كان من الممكن الحديث عن انقلاب وكان من الممكن الرهان على انه يحتاج الى سند خارجي ليقف على قدميه، لكنه غير محتاج .. الرجل منتخب ومسنود بالشارع.
هاهنا نقطة مهمة للغاية .. سند الشارع لا يدوم حتى وإن بدا قويا ووواسعا، لأن سيكولوجية الجماهير العامة متقلبة بينما سيكولوجية القواعد الحزبية أكثر استقرارا.
اذا نجح قيس في التوافق مع الاحزاب او غالبها على جدول زمني لفك تجميد البرلمان او انتخابات مبكرة سيعبر .. لانها كلها يمينا او يسارا او وسطا تطالب بذلك ،، بل حزب العمال الشيوعي موقفه مطابق للنهضة الاسلامية، وقد وصف قيس بالاستبداد وعدم الرؤية.
قد لا تكون الديموقراطية التونسية مثالية ولكنها استمرت عشر سنوات وما يحدث حتى الان اصلاح وليس انقلابا ولا صراعا اسلاميا علمانيا البتة .. لكن لو لم يحدث توافق على جدول زمني لعودة المؤسسات او انتخابات .. هنا يمكن الحديث عن انهيار التجربة الديموقراطية التونسية وليس حكم النهضة لان التجربة تمثل الجميع.
باختصار قيس ليس سيسي مصر، ولا عبد ربه اليمن ولا حفتر ليبيا .. قصته مختلفة تماما.
بقلم مكي المغربي